صندوق قطر السيادي يعزز حضوره في أميركا الجنوبية بمشروع ضخم في غويانا (رئيسي)

اتفاقية جديدة لتطوير مشروع عقاري متكامل في جورج تاون ضمن استثمارات تتجاوز ملياري دولار في قطاع الضيافة والسياحة

في خطوة جديدة تعكس إستراتيجية دولة قطر لتوسيع حضورها الاستثماري في الأسواق الناشئة، أعلن جهاز قطر للاستثمار عن توقيع اتفاقية تعاون مع الحكومة الغويانية لتطوير مشروع عقاري ضخم في جورج تاون، عاصمة غويانا، الواقعة في شمال أميركا الجنوبية.

وبحسب بيان صادر عن الصندوق السيادي القطري، فإن المشروع يمتد على مساحة تُقدّر بـ 121 ألف متر مربع، وسيضم مكونات متعددة تشمل فندقاً عالمياً، ومساحات تجارية، ووحدات سكنية راقية، ومرافق رياضية وترفيهية، إلى جانب مساحات خضراء عامة. ولم يفصح البيان عن القيمة المالية الدقيقة للاتفاقية، إلا أنها تُعد امتدادًا لاستثمارات قطرية سابقة في البلاد.

ويأتي هذا المشروع كجزء من حزمة استثمارات كان الصندوق قد أطلقها عام 2024، بعد إبرامه صفقة مع الحكومة الغويانية بقيمة تقارب ملياري دولار أميركي، تستهدف تطوير قطاع الضيافة والسياحة. وشملت الصفقة السابقة شراء أراضٍ استراتيجية في شارع رئيسي وسط العاصمة، لإنشاء أول فندق خمس نجوم في البلاد، إلى جانب مرافق ضيافة متطورة، في سابقة تُعد الأضخم من نوعها لدخول جهاز قطر للاستثمار إلى السوق الغويانية.

ويمثل هذا الاستثمار نقلة نوعية في توجه الصندوق السيادي القطري نحو الأسواق الواعدة خارج أوروبا وآسيا، مع التركيز على قطاعات البنية التحتية، والسياحة، والخدمات الفندقية. كما يعكس التزام قطر بتنويع محافظها الاستثمارية وتعزيز شراكاتها الاقتصادية على مستوى العالم، لا سيما في مناطق تشهد نموًا متسارعًا كالأسواق اللاتينية.

توسع استراتيجي في أميركا الجنوبية
وتأتي هذه الخطوة ضمن إستراتيجية أوسع لجهاز قطر للاستثمار، الذي يواصل توسيع أنشطته في أميركا الجنوبية، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الطاقة، والزراعة، والتعدين، والسياحة، والخدمات اللوجستية. ففي البرازيل، يمتلك الصندوق استثمارات بارزة من خلال شركة قطر للطاقة، تشمل حصة 20% في حقل النفط البحري “أغوا مارينا”، و12% في شركة الأغذية والزراعة العملاقة Adecoagro، التي تنشط في البرازيل والأرجنتين والأوروغواي.

كما يملك الصندوق حصة 40% في مشروع مشترك مع إحدى كبرى شركات تصنيع اللحوم في البرازيل، إلى جانب استثمارات إضافية في قطاع الطاقة بالمكسيك، وهو ما يؤكد توجه قطر إلى تأمين حصص استراتيجية في سلاسل التوريد الحيوية لهذه الدول، وتنمية علاقات طويلة الأمد مع حكوماتها وشركاتها الرائدة.

محفظة عالمية متنوعة تتجاوز 500 مليار دولار
وتسعى قطر من خلال جهازها السيادي إلى تنويع استثماراتها العالمية، عبر الدخول في قطاعات جديدة في بلدان ذات إمكانات نمو واعدة. وفي نوفمبر الماضي، أعلن الصندوق عزمه استثمار 500 مليار دولار في الولايات المتحدة على مدى العقد المقبل، ضمن خطة موسعة تشمل برامج لرأس المال الجريء في الولايات المتحدة والمنطقة، مع تركيز خاص على قطاعي التكنولوجيا والرعاية الصحية.

وفي هذا السياق، وصف محمد المناعي، رئيس المكتب الاستشاري لجهاز قطر للاستثمار في الولايات المتحدة، المحفظة الاستثمارية للصندوق بأنها “متنوعة وشاملة”، مشيرًا إلى أن الجهاز بات شريكًا استراتيجيًا طويل الأمد في عدد من أكبر الشركات الأميركية.

وبحسب التصنيفات الصادرة عن مؤسسات مالية دولية متخصصة، فإن أصول جهاز قطر للاستثمار تُقدّر بنحو 526 مليار دولار، ما يجعله يحتل المرتبة التاسعة عالميًا ضمن أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، وهو ما يمنحه القدرة على التأثير في خريطة الاقتصاد العالمي والمساهمة الفاعلة في التنمية الدولية.

قطر تُرسّخ مكانتها كفاعل اقتصادي عالمي
ويمثل دخول جهاز قطر للاستثمار بقوة إلى غويانا تأكيدًا على نموذج الشراكة الذي تتبناه الدوحة مع الدول النامية، القائم على الاستثمار طويل الأمد، ودعم البنية التحتية، والمساهمة في خلق فرص عمل وتحقيق نمو اقتصادي مستدام. كما يعكس قدرة الصندوق على اقتناص الفرص في أسواق لم تُستثمر بالكامل بعد، ضمن رؤية أوسع تهدف إلى تعزيز المكانة الاقتصادية لدولة قطر عالميًا.

بهذا المشروع الجديد، تُواصل قطر رسم خارطة استثمارية عالمية ترتكز على الابتكار، والتنويع، والبعد الاستراتيجي، وتؤكد التزامها بالمساهمة في التنمية الاقتصادية والبشرية على مستوى العالم، بما يعزز من حضورها الدولي كلاعب رئيسي في أسواق المال والأعمال.