حاكم المقاطعة يعلن سياسة صارمة لحماية البيئة والمشهد الطبيعي.. والهدم طال عشرات المباني المخالفة (فرعي) بالي تبدأ حملة تنظيمية واسعة.. وقف تراخيص البناء السياحي على الأراضي الزراعية المنتجة (رئيسي)

في خطوة لافتة تعكس تحوّلاً جذريًا في سياسات التنمية السياحية في مقاطعة بالي الإندونيسية، أعلن حاكم بالي، وايان كوستر، عن بدء تنفيذ تعليمات حكومية جديدة تمنع بشكل صارم إصدار تراخيص لبناء مرافق سياحية على الأراضي الزراعية والإنتاجية، بدءًا من عام 2025.
وأكد كوستر خلال جلسة عامة لمجلس نواب المقاطعة (Bali DPRD)، أنه وقّع رسميًا هذه التعليمات التي من شأنها أن تُحدث نقلة نوعية في الحفاظ على التوازن البيئي في الجزيرة، مشددًا على أن هذه السياسة ستُنفّذ بالتنسيق مع رؤساء البلديات في جميع أنحاء بالي.
“بدءًا من هذا العام، لن يتم منح أي تصاريح جديدة لتحويل الأراضي المنتجة إلى مشاريع سياحية”، قال كوستر بنبرة حازمة، مضيفًا: “إنها خطوة إصلاحية ضمن مشروع شامل يمتد حتى عام 2125 تحت عنوان (100 عام لتطوير بالي)”.
لا حصانة للمخالفين.. الهدم بدأ بالفعل
لم تكن تصريحات الحاكم مجرد وعود على الورق؛ فقد دخلت حيز التنفيذ فعليًا. حيث باشرت حكومة المقاطعة حملة موسعة لهدم المباني السياحية المخالفة، خاصة تلك التي تم تشييدها على أراضٍ محمية أو عامة دون تصاريح رسمية.
ومن أبرز التحركات، إجبار أصحاب المباني السياحية في منطقة Step Up Jimbaran على تقليص ارتفاع مبانيهم بما يتماشى مع القوانين المحلية، بالإضافة إلى هدم نحو 50 منشأة سياحية مخالفة على شاطئ بينغين.
وفي مشهد يعكس جدية التنفيذ، نزل الحاكم بنفسه إلى موقع شاطئ بينغين لمتابعة عمليات الهدم ميدانيًا، مؤكداً أن التعدي على الأراضي العامة والمحميات الطبيعية أمر “غير قابل للتهاون”، مضيفًا: “الانتهاكات قاتلة، والمواجهة مع المخالفين لن تتوقف هنا. هذه البداية فقط، وسأواصل الإجراءات في مواقع أخرى مهما كانت الاعتراضات.”
استرداد أراضي بالي.. واستعادة صورتها النظيفة
يرى كوستر أن هذه الإجراءات تمثل جزءًا من “عملية تطهير” للقطاع السياحي في بالي، الذي أصبح – حسب تعبيره – عرضة لتجاوزات غير مقبولة شوهت صورة الجزيرة وهددت مواردها الطبيعية.
وأشار إلى أن “ممارسات غير لائقة” باتت منتشرة تحت مسميات خدمات مثل المنتجعات الصحية المغلقة والتدليك غير المرخّص، مؤكدًا أن تلك الأنشطة “تلوث بالي معنويًا وماديًا”، واعدًا باتخاذ خطوات أكثر صرامة حيالها.
وأوضح الحاكم أنه تلقّى دعمًا أوليًا من المجلس التشريعي المحلي، مؤكدًا أهمية التعاون بين الحكومة التشريعية والتنفيذية لتنفيذ ما وصفه بـ”الوصايا التسع” لتطهير السياحة في بالي، والتي لم يُفصح عنها بالكامل بعد.
انتقادات وتحفظات داخلية.. ولكن القرار لا رجعة فيه
من جانبه، أبدى نائب رئيس مجلس نواب المقاطعة، وايان ديسل أستاوا، دعمه المبدئي للسياسة الجديدة، لكنه أشار إلى ضرورة اتخاذ إجراءات مدروسة بشأن المباني السياحية القائمة بالفعل، والتي تم إنشاؤها قبل بدء تنفيذ البرنامج الجديد.
وقال أستاوا:” يجب أن نتعامل بحكمة مع المنشآت القائمة قبل هذا القرار، ولا يجوز أن نُعاملها كما لو أنها بدأت بعد دخول التعليمات حيّز التنفيذ. هناك مشاريع استثمرت رؤوس أموال ضخمة ويجب مراعاة ذلك خلال إعادة التنظيم.”
وأكد أن المجلس يعمل على صياغة تشريعات جديدة (Perda) تتيح تنظيم النشاط السياحي دون الإضرار بالمصالح الاقتصادية المشروعة، مع الحفاظ على القيم البيئية والثقافية التي تشتهر بها بالي.
تمثل هذه السياسة تحوّلًا جذريًا في توجهات التنمية السياحية في بالي، التي لطالما عُرفت بجاذبيتها الطبيعية والثقافية، لكنها بدأت في مواجهة تحديات حقيقية ناجمة عن التوسع العمراني العشوائي والتعديات على الأراضي العامة.
الخطوة التي اتخذها الحاكم كوستر، رغم كونها مثيرة للجدل، إلا أنها قد تُشكّل نقطة انطلاق نحو نموذج سياحي أكثر استدامة، يعيد التوازن بين الاستثمار والحفاظ على الهوية البيئية لجزيرة تعتبر من أجمل بقاع الأرض وأكثرها جذبًا للسياح حول العالم.