المديرة الإقليمية للشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة تتحدث في حوار خاص مع “الرحلة” عن مستقبل القطاع في المنطقة

أوضحت رؤيتها الاستراتيجية لتعزيز السياحة في الشرق الأوسط
المديرة الإقليمية للشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة تتحدث في حوار خاص مع “الرحلة” عن مستقبل القطاع في المنطقة
عناوين فرعية:
• بسمة الميمان: لهذا السبب أصبحت السياحة أداة للتنمية والحوار في الشرق الأوسط
• الميمان لـ”الرحلة”: جائحة كورونا علمتنا الكثير.. والفرص الآن أكبر من التحديات
• صاحبة الصوت الخليجي في الأمم المتحدة للسياحة تتحدث بصراحة: نحتاج إلى تكامل عربي وسياحة مسؤولة
• منظمة السياحة العالمية تكشف: أكثر من 136% نمو في السياحة بالشرق الأوسط مقارنة بـ2019
- السياحة في الشرق الأوسط.. رافعة للتنمية المستدامة والنمو الاقتصادي
- مبادرات نوعية لتعزيز تنافسية الوجهات السياحية في العالم العربي
- الميمان: 95 مليون وافد للمنطقة.. وأرقام ما بعد الجائحة تتجاوز التوقعات
- ابتكارات رقمية ومنصات عربية مشتركة لترويج السياحة إقليميًا
- السياحة الرياضية.. رافد جديد لتنشيط الحركة السياحية في المنطقة
- السياحة العلاجية.. كنز استثماري جديد بإمكانات تصل إلى 7 تريليونات دولار
- القرى السياحية.. رهان التنمية الريفية والحفاظ على التراث
- برامج تدريب وتأهيل الكوادر.. لتمكين شباب السياحة في الشرق الأوسط
- الميمان: نعمل على تمكين الدول الأعضاء من السيادة الرقمية للمحتوى السياحي
- “Arabi Trips” أول شبكة سياحية عربية تنبثق من توصيات أممية
- الميمان: السياح أكثر وعيًا بعد الجائحة.. والشرق الأوسط يواكب بتقنيات حديثة ووجهات مرنة
- المديرة الإقليمية للسياحة الأممية: الأزمات لن تعيق طموحاتنا.. والاستثمار الذكي هو بوابة المستقبل
- الشرق الأوسط يتجاوز الأزمات ويقود تحولات السياحة العالمية برؤية مبتكرة ومستدامة
- بسمة الميمان لـ”الرحلة”: مستقبل السياحة يتشكل الآن.. والتكنولوجيا شريكنا الأول
- منظمة السياحة العالمية: تأشيرة موحدة وخطط وطنية ووجهات جديدة تعزز تنافسية الإقليم
- بسمة الميمان: الشرق الأوسط يقود تعافي السياحة العالمية.. ونؤسس لمستقبل أكثر استدامة وتكاملًا
- السياحة في المنطقة العربية تنتقل من الهوية المحلية إلى القيادة العالمية
- المديرة الإقليمية للسياحة الأممية: الإعلام شريك.. والاستثمار في الإنسان ضمانة لمستقبل القطاع
- من الرياض إلى مدريد.. صوت عربي في منظمة الأمم المتحدة للسياحة يرسم مستقبل المنطقة
- الميمان لـ”الرحلة”: نؤمن بالسياحة كقوة ناعمة.. ونبني تكاملًا سياحيًا عربيًا يتجاوز الأزمات
عناوين فرعية لكل محور:
✦ الرؤية الاستراتيجية للمنظمة:
• رؤية أممية بأهداف محلية: خمس أولويات تقودها المنظمة في المنطقة لتحقيق التنمية المستدامة
• الميمان: نعيد صياغة العلاقة بين السياحة والاقتصاد والتعليم والاستثمار في المنطقة
✦ المبادرات الإقليمية والمشاريع النوعية:
• فن الطهي والسياحة الرياضية والعلاجية.. أدوات جديدة لصناعة سياحية تنافسية
• مبادرة Arabi Trips.. أول منصة رقمية للسياحة العربية تنطلق من توصيات الشرق الأوسط
• الميمان: السياحة العلاجية بالمنطقة استثمار يتجاوز 100 مليار دولار.. والأردن مرجع إقليمي
✦ الإعلام السياحي المتخصص:
• الإعلام شريك في الترويج والتعافي.. وجريدة “الرحلة” نموذج عربي نعتز به
• الميمان: أتابع “الرحلة” شخصيًا.. وأتمنى أن تصبح مركزًا فكريًا يحتضنه الإعلام العربي
✦ الاستدامة والتوسع الحضري:
• المشاريع الكبرى بالمنطقة محفّزات للتنمية.. لكننا ندعو لتوازن بيئي وثقافي واجتماعي
• منظمة السياحة العالمية تضع الاستدامة في قلب الخطط السياحية في الشرق الأوسط
✦ التعاون الإقليمي والعربي والدولي:
• الميمان: نسعى لهوية سياحية عربية موحدة.. وتأشيرة مشتركة تشجع التكامل
• شراكات مع مجلس التعاون وجامعة الدول العربية لترسيخ السياحة كقوة ناعمة عربية
✦ الرسائل إلى صناع القرار والمستثمرين والإعلام:
• إلى الحكومات: خطط ذكية واستثمار في البشر
• إلى المستثمرين: القطاع السياحي استثمار في الغد
• إلى الإعلام: أنتم صوت السياحة.. وجسرها إلى العالم
في وقت يشهد فيه العالم تحولات متسارعة في قطاع السياحة، تبرز منطقة الشرق الأوسط كإحدى أكثر المناطق ديناميكيةً ونموًا على مستوى العالم، متخطيةً تداعيات الجائحة، ومؤكدةً مكانتها كمركز استراتيجي على خارطة السياحة الدولية. وبينما تتجه الأنظار نحو مستقبل هذا القطاع الحيوي، يبرز دور منظمة الأمم المتحدة للسياحة في دعم جهود التنمية السياحية، عبر رؤية طموحة توازن بين الاستدامة والابتكار والنمو الاقتصادي.
في هذا السياق، أجرت “الرحلة” حوارًا خاصًا مع بسمة بنت عبد العزيز الميمان، المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، والتي تعد أول سعودية وخليجية تتولى هذا المنصب الرفيع منذ تأسيس المنظمة الأممية، لتحدثنا عن الرؤية الاستراتيجية التي تتبناها المنظمة لتعزيز حضور المنطقة على الخارطة السياحية، ولتكشف عن سلسلة من المبادرات والمشاريع الرائدة التي تنفذ في الدول الأعضاء، من أجل دعم الابتكار، وتطوير المنتجات السياحية، وتمكين المجتمعات المحلية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
الميمان، التي تقود جهود المنظمة من مقرها الرئيس في مدريد، سلطت الضوء خلال اللقاء على الأداء الاستثنائي للمنطقة في مؤشرات 2024 – 2025، حيث تصدرت الشرق الأوسط مؤشرات التعافي العالمي، وسجلت دول مثل قطر والسعودية ومصر نسب نمو قياسية مقارنة بعام 2019. كما تطرقت إلى الدور المتنامي للسياحة الرياضية، والعلاجية، والريفية، باعتبارها روافد جديدة ومتكاملة لتعزيز تنوع الاقتصاد السياحي في المنطقة، مشيرة إلى استثمارات ضخمة تتجاوز 108 مليارات دولار في قطاع السياحة الاستشفائية وحده.
وعبر مداخل متعددة، تناولت الميمان أبرز المحطات التي شهدتها المنطقة من خلال أنشطة منظمة الأمم المتحدة للسياحة، مثل إطلاق مبادرة Arabi Trips – أول شبكة تواصل اجتماعي مخصصة لترويج الوجهات السياحية العربية، وتنظيم النسخة التاسعة من منتدى سياحة فن الطهي في البحرين، ومؤتمر السياحة الرياضية في قطر، إلى جانب برامج التدريب والتأهيل التي تستهدف الكوادر السياحية في دول المنطقة بالتعاون مع شركاء دوليين.
وتعكس هذه الجهود المشتركة – كما تقول الميمان – توجهًا استراتيجيًا نحو بناء قطاع سياحي أكثر مرونة وشمولاً، يعزز مكانة دول الشرق الأوسط كمراكز جاذبة للاستثمار السياحي، ومقاصد نابضة بالتنوع الثقافي والطبيعي.
في السطور التالية، نستعرض أبرز ما جاء في هذا الحوار المهم، الذي يقدم رؤية متكاملة لمستقبل السياحة في الشرق الأوسط، من منظور دولي، تقوده واحدة من أبرز الشخصيات النسائية المؤثرة في صناعة السياحة العالمية.
- تشغلون منصبًا محوريًا في منظمة الأمم المتحدة للسياحة كمديرة إقليمية لمنطقة الشرق الأوسط. كيف تصفون الدور الأساسي الذي تلعبه المنظمة في دعم وتطوير قطاع السياحة في هذه المنطقة الحيوية؟
منظمة الأمم المتحدة للسياحة هي وكالةً متخصصة من وكالات الأمم المتحدة، وتُعنى بالسياحة المسؤولة والمستدامة والمتاحة عالميًا تضم 160 دولةٍ عضو، و6 أعضاء مشاركين وأكثر من 500 عضو منتسب، وتعمل على تعزيز السياحة كمحركٍ رئيسيّ للنمو الاقتصادي، والتنمية الشاملة، والاستدامة البيئية.
تشجّع المنظمةُ الدول الأعضاء في إقليم الشرق الأوسط، وفي مختلف الأقاليم على إدراجَ السياحة في جداول الأعمال الوطنية والعالمية، وتدعم قدرة السياحة على الحدّ من الفقر، واستحداث فرص العمل، وتعزيز الابتكار، والمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر. وتهدف الرؤية الإدارية التي أقرّها الأعضاء إلى تعزيز إنتاج المعرفة، وتوسيع الشراكات، وتقديم قيمة أكبر للأعضاء الحاليين والمستقبليين على حد سواء.
كما تركز المنظمة، تماشيا مع رؤيتها الاستراتيجية وأولويات الدول الأعضاء في إقليم الشرق الأوسط على خمس أولويات استراتيجية، ألا وهي: تسريع الابتكار والتحوّل الرقمي؛ وتعزيز القدرة التنافسية للقطاع السياحيّ من خلال الاستثمار وريادة الأعمال؛ واستحداث فرص العمل وتوسيع فرص التدريب؛ وتحسين المرونة وضمان السفر الآمن والسلس؛ وحماية التراث الثقافي والطبيعي مع دعم المجتمعات المحلية.
كما يعتمد برنامج أنشطة المنظمة ومبادراتها في المنطقة، بشكل رئيس من خلال الإدارة الإقليمية للشرق الأوسط من مقر الأمانة العامة للمنظمة في مدريد (وهي الإدارة الإقليمية المعنية بتمثيل الدول الأعضاء من المنطقة والإشراف على مصالحها في المنظمة، وهي الإدارة الإقليمية المسئولة عن اللجنة السياسية لتلك الدول في المنظمة: اللجنة الإقليمية للشرق الأوسط)، وبالتنسيق مع الإدارات التشغيلية والمكاتب الإقليمية، على خمسة أولويات استراتيجية، والتي تعد أيضا جزءا من أهداف التنمية المستدامة:
- جعل السياحة أكثر ذكاء: الابتكار والتحول الرقمي
- تنمية ميزتنا التنافسية: الاستثمارات وريادة الأعمال
- خلق عدد أكبر ونوعية أفضل من الوظائف: التعليم والتوظيف
- بناء القدرة على الصمود وتسهيل السفر: سفر آمن ومأمون وسلس،
- حماية تراثنا: الاستدامة الاجتماعية والثقافية والبيئية
- ما هي أبرز البرامج والمبادرات التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للسياحة مؤخرًا في منطقة الشرق الأوسط، وما الأهداف الاستراتيجية المرجوة منها؟
وفقا لمقياس الأمم المتحدة للسياحة الصادر في مايو 2025م، مازالت منطقة الشرق الأوسط (95 مليون وافد) المنطقة الأقوى أداء مقارنة بعام 2019، حيث ارتفع عدد السياح الدوليين بنسبة 136٪ فوق مستويات ما قبل الجائحة في عام 2019، في مقابل 1٪ مقارنة بعام 2023. وحققت بعض الوجهات نتائج استثنائية حيث سجلت نموا في عدد السائحين الدوليين (مقارنة بعام 2019) خلال الفترة من يناير إلى ديسمبر 2024، بما في ذلك: قطر (+137٪) والسعودية (+69٪) ومصر (+23٪).
تعزز منظمة الأمم المتحدة للسياحة الابتكار، بالتعاون الوثيق مع الشركاء من القطاعين العام والخاص، من خلال دعم الشركات الناشئة وتشجيع الأفكار الجديدة. كما ترصد المنظمة الاتجاهات، وتحدد فرص الاستثمار، وتربط المقاصد السياحية بالمستثمرين العالميين بغية تعزيز النمو المستدام.
وتعمل المنظمة أيضًا على تحسين القدرة التنافسية للدول الأعضاء في مجال السياحة من خلال البيانات والبحوث، وتنمية الموارد البشرية، والدعم في مجالاتٍ مثل تخطيط السياسات، والتسويق، والإحصاء، والتنمية المستدامة، وإدارة الأزمات. ومن خلال المساعدة الفنية ومشاريع التنمية، تعزز منظمة الأمم المتحدة للسياحة الممارسات السياحية الشاملة والمستدامة التي تحترم الأصالة الثقافية وتحمي البيئة.
هناك العديد من البرامج والمبادرات التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للسياحة في منطقة الشرق الأوسط، ونخص بالذكر المبادرات المتعلقة بــ:
تطوير المنتج: فقد عقدت النسخة التاسعة من منتدى الأمم المتحدة للسياحة العالمي حول سياحة فن الطهي في المنامة، بمملكة البحرين يومي 18 و19 نوفمبر 2024 تحت شعار “سياحة فن الطهي: محرك للتنويع الاقتصادي والشمول” مما مثل علامة فارقة في عرض تقاليد الطهي الفريدة في المنطقة ودورها في تعزيز الروابط الثقافية ورفع مستوى الاعتراف العالمي بالتراث الغني للمنطقة. كما تم إعداد كتيب ضمن سلسلة منظمة الأمم المتحدة للسياحة “جولة حول فن الطهي في العالم” للبحرين على غرار الكتيبات السابقة للسعودية ومصر وسلطنة عمان.
مبادرة استكشاف العالم العربي – Arabi trips: وهي مبادرة تقدمت بها المملكة الأردنية الهاشمية وتخص أول شبكة تواصل اجتماعي مخصصة لقطاع السياحة العربي. انبثقت من توصيات الاجتماع التاسع والأربعين للجنة الإقليمية للشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة بالبحر الميت، يوم 8 يونيو 2023 حول تطوير المنتج السياحي العربي كما تم الترحيب بها خلال الاجتماع الخمسين للجنة في مسقط، بسلطنة عمان، يوم 22 مايو 2024، في إطار جهود الدول الأعضاء بإقليم الشرق الأوسط لتطوير المنتج السياحي العربي. وقد اعتمدت اللجنة الإقليمية في أثناء اجتماعها الحادي والخمسين في الدوحة، بدولة قطر يوم 12 فبراير 2025 م، هذه المبادرة المجانية التي تهدف إلى عرض الوجهات السياحية المتنوعة والساحرة في جميع أنحاء العالم العربي من خلال محتوى فيديو تفاعلي وإلى تحقيق التكامل العربي في مجال التسويق الرقمي للوجهات والتي يتم من خلالها تشجيع صانعي المحتوى في العالم العربي على صناعة ووضع محتوى يروج للدول العربية بهدف التسويق لها بشكل مشترك مع التأكيد على السيادة الرقمية للدول الأعضاء على المحتوى المعروض بالمنصة.
كما أن الاجتماع الحادي والخمسين للجنة الإقليمية للشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، في الدوحة، بدولة قطر يوم 12 فبراير 2025، أوصى بتطوير آليات إدارة الأزمات في القطاع السياحي، والاستمرار في دعم سياحة الأنشطة الرياضية، لما لها من دور محوري في تنشيط الحركة السياحية وتعزيز مكانة الوجهة السياحية على المستويين الإقليمي والدولي، وتكثيف الجهود لترسيخ منطقة الشرق الأوسط كوجهة عالمية للسياحة الرياضية.
وموازاة مع هذا الاجتماع تنظيم مؤتمر إقليمي يوم 13 فبراير 2025م حول “السياحة الرياضية وصناعة السياحة بعد كأس العالم”، وذلك اعترافا بمكانة دولة قطر في المجال الرياضي، حيث أصبحت نموذجاً عالمياً يحتذى به في استضافة الأحداث الرياضية الكبرى، منذ تنظيمها الاستثنائي لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022. وبعد النجاح الاستثنائي لهذا المؤتمر، نتطلع إلى أن يمثل استمرارا لتطور السياحة الرياضية في كل الدول الأعضاء بإقليم الشرق الأوسط، ومنصة للعديد من المبادرات والمشاريع والمقترحات التي تدعم تطوير السياحة الرياضية وجعلها من بين أكثر المنتجات ديناميكيةً، وتعزيز قدرتها التنافسية في هذا المجال كجزء من استراتيجياتها لتنويع السياحة وتحقيق التنمية الاجتماعية المستدامة في إقليم الشرق الأوسط.
من جهة أخرى، أصبحت السياحة الاستشفائية من المنتجات السياحية الأسرع نموًا في صناعة السياحة الدولية بسبب ضغوط الحياة والعمل المتزايد التي يتعرض له الإنسان المعاصر. كما أن منتج السياحة العلاجية في الشرق الأوسط هو منتج واعد أصبح يحتل أهمية كبيرة خاصة بعد التحول الذي طرأ على السياح في أعقاب جائحة كورونا وأصبحوا أكثر توجهاً نحو أنماط السياحة العلاجية والاستشفائية. وكما لا يخفى عليكم، تتميز عدد من دول الشرق الأوسط بمقومات بيئية تدعم منتج السياحة الاستشفائية، والتي يمكن أن تضعها في مصاف المقاصد الصحية العالمية، ومنها مصر، والأردن، والسعودية، وسلطنة عمان، والإمارات، خاصة وأن هذا النمط السياحي أصبح من أولويات دول المنطقة عند تصميم منتجاتها السياحية، مع إدراج مخططات استثمارية للاستفادة الاقتصادية من هذا المنتج السياحي تراعى فيها أقصى درجات الاستدامة والتنمية المسئولة مع تمكين المجتمعات المحلية من استمرارية الممارسات التقليدية لتوفير تجربة استشفائية ثرية.
خلال الاجتماع الـ49 للجنة الاقليمية للشرق الأوسط لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة المنعقد في البحر الميت بالمملكة الأردنية الهاشمية، أعلنت المنظمة الأردن مقصدا ومرجعا اقليميا لسياحة العلاج والاستشفاء في الشرق الاوسط، وهذا يتماشى مع تقارير البنك الدولي التي تصنف الأردن كأول دول عربية في سياحة الاستشفاء والعلاج والتاسعة عالميا في هذا النمط، وتقوم حاليا الإدارة الإقليمية للشرق الأوسط بالمنظمة بالتنسيق بين المنظمة ووزارة السياحة والآثار الأردنية من أجل توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء مركز أردني للسياحة الاستشفائية والعلاجية بالتعاون مع المنظمة.
وتنفيذا لتوصية اللجنة الإقليمية للشرق الأوسط الصادرة في اجتماعها الخمسين المنعقد في مسقط، بسلطنة عمان، يوم 22 مايو 2024م، وحرصا منا على تدريب الكوادر وبناء القدرات في هذا المجال نقوم حاليا، بالتعاون مع وزارة السياحة السعودية، بتنظيم ورشة عمل متخصصة حول “السياحة العلاجية والاستشفائية”، وذلك في المكتب الإقليمي للمنظمة في الرياض خلال الفترة 29-30 يونيو 2025.
تجدر الإشارة إلى أن دول الإقليم التي تحتل موقعا هاما على خارطة العالم في مجال السياحة الاستشفائية أصبحت منافسا قويا على المستويين الإقليمي والدولي، لا سيما وأن منتج السياحة الاستشفائية في إقليم الشرق الأوسط أصبح منتجا واعدا للغاية حيث بلغت الاستثمارات في مجال السياحة العلاجية والاستشفائية أكثر من 108 مليار دولار أمريكي، مع إمكانية الوصول إلى 7 تريليونات دولار عالميًا بحلول عام 2025، لذلك فإن هذا التدريب يمهد لإمكانية بناء برامج للتدريب والتأهيل في كيفية انتاج هذا النوع من المنتج السياحي ليس الإدارة الطبية بل لتطويره وتأهيله ليصبح فرصا استثمارية.
مبادرة السياحة من أجل التنمية الريفية وأفضل القرى السياحية من قبل منظمة الأمم المتحدة للسياحة: وقد انطلقت هذه المبادرة من المملكة العربية السعودية سنة 2021، كما أقيم حفل توزيع الجوائز في العلا في فبراير 2023، بالتعاقب مع الاجتماع التقديمي الأول لأفضل القرى السياحية للمنظمة. وتهدف المبادرة إلى جعل السياحة محركًا للتنمية الريفية والرفاه وتعزيز دور السياحة في تقدير وحماية القرى الريفية وأنظمة المعرفة، والتنوع البيولوجي والثقافي، والقيم والأنشطة المحلية، وتعزيز نُهُج مبتكرة وتحويلية لتنمية السياحة في المقاصد الريفية، بما يُسهم في تحقيق الركائز الثلاث للاستدامة – الاقتصادية والاجتماعية والبيئية – بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. وتعترف الجائزة بالوجهات الريفية التي تتبنى السياحة كمحرك للتنمية وفرص جديدة للوظائف والدخل، مع الحفاظ على القيم والمنتجات المجتمعية وتعزيزها.
تقرير السياحة العالمي الرامي إلى تسليط الضوء على أداء السياحة والعوامل الممكنة للسياسات التي تدعم تطوير السياحة على المستوى الوطني، وذلك من خلال الأبعاد الثلاثة للاستدامة – الاجتماعية والاقتصادية والبيئية – بالإضافة إلى الحوكمة.
التدريب: يندرج التعليم السياحي وبناء القدرات في صميم عمل المنظمة. وتقود منظمة الأمم المتحدة للسياحة الجهود المبذولة لتزويد القطاع بالمهارات التي يحتاجها، من مستوى التعليم الثانوي إلى التعليم العالي والتطوير المهني. وتدعم المنظمةُ الدولَ الأعضاء في تقييم الثغرات التعليمية ومعالجتها، وإنشاء منصاتٍ لتبادل المعارف عبر الحدود والقطاعات. وعلى سبيل الإشارة، لا الحصر، فقد تم عقد العديد من الدورات التدريبية الحضورية أو عن بعد لفائدة الأطر السياحية بدول الإقليم، ومنها:
تدريب تنفيذي للشرق الأوسط (8-10 مايو 2023). استهدف التدريب الذي عقد في المكتب الإقليمي للمنظمة في الرياض المديرين المسؤولين عن السياحة الريفية في الإدارات الوطنية للسياحة من جميع أنحاء المنطقة. انضم حوالي 35 مشاركا من 10 دول يمثلون مصر والعراق والأردن ولبنان وعمان وقطر والسعودية، وسوريا والإمارات واليمن. حيث ركزت الجلسات على قضايا مثل دمج أبعاد الاستدامة في التخطيط السياحي، ووضع مؤشرات لقياس استراتيجيات السياحة الريفية، والتعامل مع خصوصيات عرض السياحة الريفية والطلب عليها، ومفهوم المشاركة المجتمعية من خلال السياحة المجتمعية، وإجراء تمارين عملية حول التجارب المتعلقة بفن الطهي والمغامرة والثقافة والسياحة البيئية.
تم عقد ثماني (8) ندوات عبر الإنترنت (لقاء القادة والمحادثات التقنية) لشبكة BTV منذ أبريل 2023 تتناول العديد من الموضوعات: وسائل التواصل الاجتماعي، ومنظمي الرحلات السياحية المتخصصين، وتمويل البنية التحتية المستدامة، والسفر والمغامرات، والحلول التي تعمل بالطاقة الذكاء الاصطناعي للسياحة الريفية، والتحكم في حركة المرور، والرقمنة الريفية، أو الحفاظ على التراث.
في يوليو 2024، تم إصدار سلسلة جديدة من الدورات التدريبية عبر الإنترنت حول الاستدامة لشركات الضيافة، التي طورتها Booking.com بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للسياحة على الإنترنت. تركز الدورات عبر الإنترنت على: 1) الطاقة والعمل المناخي. 2) إدارة الأغذية. 3) كفاءة المياه. و4) المشاركة المجتمعية، وهي متاحة مجانا.
عناوين :
- تغيير عادات المسافرين يدفع الدول لتبني أنظمة مرنة وذكية
- الميمان: الاعتماد على التقنية مستمر.. ومرونة الإلغاء والتجارب الأصيلة تعزز الجاذبية
- السياحة الداخلية، الوجهات الأقل ازدحامًا، والسفر المستدام.. أبرز ملامح المرحلة المقبلة
- التقنية تعيد صياغة تجربة السفر.. والذكاء الاصطناعي يوجه بوصلات السيّاح
- السلوك السياحي يتغير.. والمنطقة تستجيب عبر وجهات جديدة ومنتجات متخصصة
- شهدنا تحولات كبيرة في سلوكيات السفر بعد الجائحة. كيف ترون استجابة دول الشرق الأوسط لهذه التغيرات، وما هي أهم التوجهات التي ترصدونها على المدى القريب والمتوسط؟
فعلا، لقد شهدنا تحولات جذرية في سلوكيات السفر بعد جائحة كورونا، حيث أصبح المسافر أكثر وعيًا بصحته وسلامته، وأكثر حرصًا على اختيار الوجهات التي توفر مرونة في الإلغاء والتعديل، إلى جانب تفضيل السفر الفردي أو العائلي على الرحلات الجماعية. في هذا السياق، أظهرت دول الشرق الأوسط استجابة سريعة ومرنة لهذه المتغيرات، من خلال تحديث البنية التحتية اللسياحة، وتبني أنظمة رقمية متقدمة مثل الجوازات الصحية الإلكترونية وتطبيقات تتبع الحالة الصحية للمسافرين، فضلاً عن إطلاق حملات ترويجية تركز على السياحة الداخلية والوجهات المفتوحة الأقل ازدحامًا. بعض الدول مثل الإمارات والسعودية بدأت بتسويق وجهات جديدة وغير تقليدية لتوسيع خارطة السياحة الوطنية، في حين عززت دول أخرى مثل الأردن ومصر من الاستثمار في التجارب الثقافية والطبيعية الأصيلة.
على المدى القريب، نتوقع استمرار الاعتماد على التقنية، ليس فقط لتحسين تجربة المسافر، بل أيضًا لجمع وتحليل البيانات بشكل يساعد على التنبؤ بالتوجهات والتفاعل معها بشكل أكثر مرونة. كما ستستمر مرونة السياسات المتعلقة بالإلغاء والتعديل كعنصر جذب رئيسي. أما على المدى المتوسط، فتتجه المنطقة إلى تعزيز السياحة المستدامة، من خلال حماية الموارد البيئية وتشجيع السياحة المسؤولة، إضافة إلى التركيز على تنويع الأسواق السياحية، سواء عبر استقطاب شرائح جديدة من المسافرين أو عبر تطوير منتجات سياحية مبتكرة تتماشى مع الرؤى الوطنية للتحول الاقتصادي، ومبادرات التنمية المستدامة في مختلف دول الإقليم.
وعلى الرغم من التعافي الملحوظ الذي شهده قطاع السياحة في عامي 2024 و2025، لا تزال آثار جائحة كوفيد-19 تلقي بظلالها على السفر الدولي. فقد تغيّرت أنماط السفر وتفضيلات المسافرين، حيث أصبح هناك ميل متزايد نحو السياحة الداخلية والوجهات الأقل ازدحامًا، إلى جانب اهتمام أكبر بالسياحة المستدامة والصديقة للبيئة. لا تزال بعض القيود الصحية وإجراءات السلامة مطبقة في عدد من الوجهات، مما يؤثر على حرية التنقل ويزيد من تكلفة السفر، في حين تعرضت قطاعات مثل الطيران، والضيافة، والشركات الصغيرة والمتوسطة في مجال السياحة، لضغوط شديدة بفعل تداعيات الجائحة.
من جهة أخرى يتزايد وعي المسافرين بتأثير السفر على البيئة، مما يدفعهم للبحث عن خيارات سفر أكثر استدامة ومسؤولية. تتعرض وجهات طبيعية عديدة لخطر التدهور نتيجة التغيرات المناخية، وهو ما يتطلب تدخلًا سريعًا لحمايتها من خلال سياسات تعزز السياحة البيئية. كما تواجه الشركات السياحية ضغوطًا متنامية لاعتماد ممارسات تقلل من البصمة الكربونية، وتُظهر التزامًا حقيقيًا بمبادئ المسؤولية البيئية.
كما تلعب التكنولوجيا دورًا متزايد الأهمية في إعادة تشكيل تجربة السفر. من تسهيل عمليات الحجز، إلى تقديم محتوى تفاعلي وتوصيات شخصية باستخدام الذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات الضخمة، أصبحت الأدوات الرقمية عنصرًا أساسيًا في التفاعل مع المسافرين. كما تتيح التكنولوجيا حلولًا متقدمة لإدارة الازدحام وتحسين تجربة الزائر في الوجهات السياحية.
وفي ظل هذه المتغيرات، تواجه صناعة السفر والسياحة مزيجًا من الفرص والتحديات. ويتعين على الجهات الفاعلة في القطاع اتخاذ قرارات استراتيجية توازن بين التعافي الاقتصادي، ومتطلبات الاستدامة. كما أن سلوك المستهلك يتغير بوتيرة متسارعة، مما يستدعي استجابة مرنة وسريعة تواكب التوجهات الناشئة وتعيد تشكيل مستقبل السياحة العالمية.
عناوين:
- الميمان: السياحة في الشرق الأوسط تواجه تحديات.. لكن فرص النمو لا تزال هائلة
- عدم الاستقرار والتضخم والاحتباس الحراري.. أبرز تحديات صناعة السياحة إقليميًا
- توصيات أممية لتجاوز الأزمات: خطط وطنية، استثمارات ذكية، واستدامة محورها الإنسان
- الميمان: الاستثمارات السياحية تتجه نحو البنية الخضراء والتقنيات النظيفة
- دعوة مفتوحة لرسم خارطة سياحة عربية موحدة.. العلامة الإقليمية تبدأ من التنسيق المشترك
- في ظل الأزمات العالمية المتعددة، ما التحديات التي تواجهها المنطقة اليوم في مسار التنمية السياحية؟ وكيف تسعى المنظمة إلى تقديم الدعم الفني والتخطيطي للدول الأعضاء؟
تتمتع السياحة في الشرق الأوسط بإمكانيات نمو كبيرة بسبب تراثها الثقافي الغني ومعالمها الحديثة ومناظرها الطبيعية الفريدة. ومع ذلك، فإنها تواجه تحديات استثمارية مختلفة يمكن أن تعيق تقدمها. يمثل عدم الاستقرار الجيوسياسي، والتقلبات الاقتصادية، والحواجز التنظيمية، ونقص العمالة الماهرة، واحتياجات التنويع بعض القضايا الأكثر إلحاحا. وتتطلب معالجة هذه التحديات تعاونا استراتيجيا بين الحكومات والمستثمرين من القطاع الخاص والمنظمات الدولية لخلق بيئة أكثر ملاءمة لنمو السياحة المستدامة.
كما أن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط وعدم اليقين الاقتصادي، تؤثر على الطلب على السفر والإنفاق، ويمكن أن تمنع حركة السياح وتعطل خطط السفر. كما تؤثر مخاوف الصحة والسلامة، مثل الأزمات الصحية المستمرة مثل جائحة COVID-19، بشكل كبير على الثقة في السفر. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الحاجة إلى ممارسات السياحة المستدامة للتخفيف من الآثار البيئية مثل التصحر وارتفاع درجات الحرارة تعد أمرا بالغ الأهمية.
من جهة أخرى، يشير أحدث مسح أجراه فريق خبراء منظمة الأمم المتحدة للسياحة إلى أن العقبة الرئيسة أمام انتعاش صناعة السياحة هي التضخم في السفر والسياحة، أي ارتفاع أسعار النقل والإقامة، فضلا عن الوضع الاقتصادي العالمي ونقص الموظفين والظواهر الجوية القاسية والحاجة إلى العمالة الماهرة. وتتطلب معالجة هذه التحديات جهودا منسقة من الحكومات وأصحاب المصلحة في الصناعة والمجتمعات لضمان التنمية المستدامة. لذلك توصي منظمة الأمم المتحدة للساحة بضرورة تكيف القطاع باستمرار مع التطورات التكنولوجية السريعة، مما يتطلب استثمارا مستمرا في التقنيات الجديدة.
يتمتع قطاع السياحة في الشرق الأوسط بإمكانيات هائلة بسبب تراثه الثقافي والتاريخي الغني، والذي يوفر مناطق جذب فريدة للسياح. كما يجذب تطوير المنتجعات الفاخرة ومراكز التسوق والبنية التحتية الحديثة السياح الباحثين عن الفخامة. بالإضافة إلى ذلك، تجذب المواقع الدينية الهامة ملايين الحجاج سنويا. كما تعمل المبادرات الحكومية على تعزيز تدفق السياح الدوليين من خلال الاستثمار في البنية التحتية السياحية والتسويق. علاوة على ذلك، تشهد المنطقة اهتماما متزايدا بالرياضة والمغامرة والسياحة البيئية، حيث انتشرت أنشطة مثل رحلات السفاري الصحراوية والغوص بشكل متزايد. وقد عزز التزام الدول الأعضاء باستضافة الأحداث الدولية الكبرى، مثل كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر و2034 في السعودية وإكسبو 2020 في دبي و2030 في الرياض بشكل كبير المكانة العالمية والبنية التحتية السياحية في الشرق الأوسط.
ويظهر أحدث مؤشر للثقة الصادر عن منظمة الأمم المتحدة للسياحة أن إجراءات تسهيل التأشيرات والسفر ستعزز السفر إلى الشرق الأوسط وحولها مع دول مجلس التعاون الخليجي لتنفيذ تأشيرة سياحية موحدة، على غرار تأشيرة شنغن. كما هو الحال في عام 2024، ستستمر أسواق المصدر القوية في الشرق الأوسط في تعزيز تدفقات السياحة والإنفاق في جميع أنحاء العالم.
ومن موقعي كمديرة إقليمية للشرق الأوسط بمنظمة الأمم المتحدة للسياحة، أحث الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة في قطاع السياحة بإقليم الشرق الأوسط على ضرورة وضع خطط سياحية وطنية ذات رؤية وأهداف واضحة، وذلك لضمان الحوكمة الفعالة في مواءمة وظائف جميع القطاعات العامة مع هذه الخطط؛ كما أنه من الأهمية تحديد الأسواق السياحية الجديدة لدعم الأسواق القائمة وأن تكون الوجهات مجهزة بالبنية التحتية والخدمات المناسبة، ويجب تصميم الحملات التسويقية للتواصل مع الأسواق المستهدفة. علاوة على ذلك، فإن الاستدامة والابتكار والتكنولوجيا لها أهمية كبرى للعملية برمتها. وسيساعد توفير خدمات ذات قيمة مضافة تلبي الطلب بدقة في جذب السياح ذوي القيمة العالية وتشجيع تكرار الزيارة.
وبالنسبة للشق الثاني من السؤال، أود التنويه بأن منظمة الأمم المتحدة للسياحة تهدف، من خلال العلاقات المستمرة مع كل دولة عضو، وكذلك مع الأعضاء المنتسبين من الشرق الأوسط، إلى ضمان توزيع عادل واستراتيجي ومتوازن جغرافيا لأنشطتها في المنطقة.
وكما تعلمون، تعتبر السياحة في الشرق الأوسط ركنا من أركان اقتصاداتنا، كما أنها تؤدي دورا محوريا في مجتمعاتنا وفي حياتنا الفردية، خاصة وأنها تقدم حلولا لبعض أكبر التحديات التي تواجهنا، بما في ذلك الطوارئ المناخية والحاجة الماسة إلى التحول إلى اقتصادات أكثر استدامة.
وإن ما نشهده حاليا في المنطقة لخير دليل على أن هناك نقلة نوعية في الاستثمار السياحي بهدف دعم وتسريع انتعاش السياحة والتنمية المستدامة بشكل أفضل. حيث يوجد إجماع متزايد بين أصحاب المصلحة في مجال السياحة حول اعتماد مرونة القطاع في المستقبل على قدرته لتحقيق التوازن بين احتياجات الناس والكوكب والازدهار.
لذلك أنا جدا متفائلة بمستقبل الاستثمارات السياحية في الشرق الأوسط خاصة وأن الإقليم يشهد انطلاقة لمرحلة جديدة ومنصة للعديد من المبادرات والمشاريع والمقترحات التي تدعم العمل السياحي من خلال مضاعفة الاستثمارات لتعزيز الاستدامة البيئية واستخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وزيادة القدرة التنافسية من خلال توفير بنية تحتية وخدمية متميزة ومتطورة، وتشجيع فرص الاستثمار ورفع كفاءة العنصر البشرى واستخدام أساليب التكنولوجيا الحديثة.
وأغتنم هذه الفرصة لدعوة أصحاب المصلحة والعاملين في قطاع السياحة بإقليم الشرق الأوسط على مواصلة العمل لتعزيز آليات التعاون الإقليمي لرسم خارطة طريق لصناعة السياحة في الإقليم تهدف إلى تعظيم المصالح المشتركة من خلال تنسيق السياسات والترويج لبرامج ومنتجات سياحية إقليمية وبينية، وبناء علامة إقليمية للسياحة، مستمدة من معاييرنا الاستثنائية الجودة في الضيافة والفندقة وخيارات الإقامة، مع التركيز على أهمية العنصر البشرى كأداة فاعلة لتحقيق الاستدامة السياحية في المنطقة. وكذلك للحكومات والمؤسسات المالية المتعددة الأطراف وشركاء التنمية ومستثمري القطاع الخاص للعمل من أجل التوحد حول استراتيجية استثمار سياحي جديدة في الإقليم.
ولا يفوتني أن أؤكد من هذا المنبر أننا في المنظمة على أتم الجاهزية للعمل مع الدول ودعمها من أجل بناء علامة إقليمية للسياحة، والاستمرار في تطوير هذا الاقليم الذي أثبت أنه الأسرع تعافيا، وفقا لبيانات مقياس السياحة الدولي.
الإعلام شريك استراتيجي
- الإعلام شريك استراتيجي في الترويج والتوعية. ما مدى أهمية الإعلام المتخصص في السياحة – مثل جريدة الرحلة – في تعزيز الرسائل السياحية على المستوى الإقليمي والدولي؟
يُعدّ الإعلام المتخصص في السياحة شريكاً استراتيجياً لا غنى عنه في الترويج للوجهات السياحية وتعزيز الوعي بقيمتها الثقافية والاقتصادية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي. وتكمن أهمية الإعلام المتخصص مثل جريدة “الرحلة” في قدرته على إيصال رسائل السياحة بطريقة احترافية وموجهة للجمهور المعني، من خلال تقديم محتوى تحريري متخصص، وتحقيقات ميدانية وتقارير تحليلية تواكب تطورات القطاع السياحي .
فعلى سبيل المثال، ساهم الإعلام المتخصص في دعم حملات الترويج لمبادرات إقليمية مثل “التأشيرة الخليجية الموحدة”، من خلال تسليط الضوء على الفوائد السياحية والاقتصادية للمشروع، مما عزز من وعي الجمهور المستهدف. كما كان للإعلام المتخصص دور محوري في دعم خطط التعافي السياحي بعد جائحة كوفيد-19، إذ لعب دوراً توعوياً في تعزيز ثقة المسافرين عبر نشر المعلومات حول الإجراءات الوقائية في الوجهات المختلفة.
وفي السياق الدولي، تتعاون العديد من جهات السياحة الوطنية مع منصات إعلامية متخصصة خلال المعارض الكبرى مثل ITB Berlin و WTM London، وFitur بمدريد، لنقل صورة احترافية وجاذبة عن وجهاتها السياحية، مما يعزز من تنافسيتها ويزيد من فرص الاستثمار والشراكات.
لذا، فإن دعم وتفعيل الشراكة مع الإعلام المتخصص، مثل “الرحلة”، يُعد عنصراً أساسياً في الاستراتيجيات الترويجية المستدامة.
- جريدة الرحلة تعتبر أول جريدة سياحية عربية من نوعها وتوسعت مؤخرًا إلى تغطيات دولية وشراكات استراتيجية. كيف ترون هذا النوع من المبادرات الإعلامية؟ وهل من الممكن مستقبلاً بناء شراكات مباشرة بين المنظمة والمنصات الإعلامية المتخصصة؟
إن توسّع جريدة الرحلة مؤخراً نحو تغطيات دولية وشراكات استراتيجية يعكس قدرتها على مواكبة المتغيرات العالمية في الإعلام والسياحة على حد سواء، كما يُظهر أهمية وجود منصات عربية قادرة على نقل التجارب والنجاحات السياحية بلغة ومرجعية ثقافية متقاربة. لذا فإن هذا النوع من المبادرات يُعتبر من الأدوات الداعمة للحوكمة السياحية الرشيدة والترويج المستدام، حيث يُسهم في رفع الوعي، وتبادل أفضل الممارسات، وتعزيز صورة الوجهات العربية على المستوى العالمي. (أنا شخصيا متابعة لهذه المطبوعة الراقية، وانتظر قراءتها لكل عدد، وأتمنى ان تتطور مستقبلا لتصبح مركز فكري بارز للإعلام السياحي وتحتضنه أحد كليات الإعلام في دول مجلس التعاون، أو أي من دول منطقة الشرق الأوسط).
أما فيما يخص فرص التعاون، فبالتأكيد هناك إمكانية لبناء شراكات مباشرة بين المنظمة والمنصات الإعلامية المتخصصة، شريطة توافقها مع القيم المهنية والاستراتيجية للمنظمة ومعايير الوكالات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة. ويمكن أن تشمل مجالات التعاون التوعية بالمبادرات السياحية، وتسليط الضوء على قصص النجاح والمشاريع الإقليمية، بما يُعزز التكامل الإعلامي السياحي العربي ويخدم أهداف التنمية المستدامة في القطاع. - ما هو تقييمكم لمكانة السياحة في استراتيجيات التنمية الاقتصادية للدول العربية؟ وهل ترون أن هناك وعيًا متزايدًا بدور السياحة في تحقيق التنوع الاقتصادي؟
تحظى السياحة بمكانة متزايدة في استراتيجيات التنمية الاقتصادية للدول العربية، حيث باتت العديد من الحكومات تدرك أهمية هذا القطاع كأداة فعالة لتحقيق التنوع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الموارد التقليدية، مثل النفط والغاز. هذا الوعي المتنامي انعكس في إدماج السياحة ضمن الخطط الوطنية والرؤى الاستراتيجية، كما هو الحال في “رؤية السعودية 2030″، و”رؤية مصر 2030″، و”رؤية عمان 2040″، وغيرها من المبادرات التي تضع السياحة كمحرّك للنمو وخلق فرص العمل.
وقد شهدت السنوات الأخيرة تطوراً واضحاً في البنية التحتية السياحية، وتسهيلات السفر، وتطوير المنتجات السياحية، بالإضافة إلى تنامي الاهتمام بالسياحة المستدامة والثقافية، وهو ما يعكس وعياً أعمق بالدور المتكامل للسياحة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما أن الأزمات الاقتصادية العالمية، وجائحة كوفيد-19 تحديداً، ساهمت في زيادة هذا الوعي، حيث أدركت الدول الحاجة إلى تنويع مصادر الدخل، والتوجه نحو قطاعات مرنة قادرة على التعافي السريع، مثل السياحة.
وإجمالاً، هناك إدراك متزايد في العالم العربي لأهمية بناء منظومات سياحية تنافسية ومستدامة، وتُعدّ هذه النقلة النوعية فرصة حقيقية لتعزيز التكامل الإقليمي والتعاون بين الدول العربية في هذا المجال.
مع ترؤس دولة الكويت الشقيقة للدورة القادمة، وحاليا المملكة الأردنية الهاشمية، للجنة الإقليمية للشرق الأوسط في منظمة الأمم المتحدة للسياحة، شهدنا وسنشهد تحوّلًا نوعيًا في المكانة التي تحتلها السياحة ضمن استراتيجيات التنمية الاقتصادية في دول المنطقة. لقد بات من الواضح أن السياحة لم تعد قطاعًا ثانويًا أو مكملًا، بل أصبحت ركيزة أساسية في مسارات التنوع الاقتصادي، سواء بالنسبة للدول النامية أو الدول الصناعية، أو حتى تلك المعتمدة على الموارد الطبيعية كالنفط والغاز، بما في ذلك أبرز أعضاء منظمة أوبك.
فالتجارب الإقليمية والدولية أثبتت أن الاستثمار في السياحة يفضي إلى مردودات اقتصادية واجتماعية مستدامة، ويسهم في خلق فرص العمل، وتعزيز الابتكار، ورفع مستوى معيشة المجتمعات المحلية، فضلًا عن كونه أداة فريدة لتعزيز الحوار الحضاري والتقارب بين الشعوب.
وفي ظل التحديات الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة والعالم، تبقى السياحة، ربما، الأداة الأكثر سلمية وتأثيرًا في تعزيز التفاهم والتعاون بين الأمم. إنها “قوة ناعمة” قادرة على تجاوز الحدود والخلافات، وعلى بناء جسور من الثقة والانفتاح الثقافي يصعب تحقيقها من خلال أدوات السياسة التقليدية.
لكن لا يمكن لهذا القطاع الحيوي أن يزدهر دون بيئة آمنة ومستقرة. فالأمن الوطني هو المقوم الأول لنجاح السياحة، وهو ما يفرض ضرورة تكامل الجهود بين الجهات الأمنية والاقتصادية والثقافية في دول المنطقة. إن حماية المكتسبات الأمنية والاستثمار في الاستقرار الداخلي يشكلان أساسًا لانطلاقة سياحية تنموية حقيقية، تجعل من الشرق الأوسط ليس فقط منطقة جذب للزوار، بل نموذجًا عالميًا في كيفية تحويل التحديات إلى فرص.
إن ما نحتاج إليه اليوم هو دعم سياسي عابر للحكومات، وإرادة جماعية تعي أن مستقبل السياحة هو جزء لا يتجزأ من مستقبل الأمن والتنمية والاستقرار في منطقتنا، وأن القيادة الإقليمية الفاعلة – كما نراها اليوم من خلال رئاسة الكويت والأردن – تساهم في بلورة رؤية موحدة تنهض بالقطاع على أسس متينة واستراتيجية طويلة الأمد.”
- كيف تعملون على دعم التوجه نحو السياحة المستدامة والمسؤولة في المنطقة، خاصة في ظل التوسع السريع في مشاريع البنية التحتية والسياحة الفاخرة؟
تُعد الاستدامة قضية عالمية رئيسية، وتلعب منظمة الأمم المتحدة للسياحة دورًا محوريًا في دعم السياحة المستدامة والمسؤولة في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل التوسع السريع في مشاريع البنية التحتية والسياحة الفاخرة. ومن أبرز جهود المنظمة في هذا السياق:
تعمل منظمة السياحة مع حكومات دول الشرق الأوسط لإدماج مبادئ الاستدامة في استراتيجيات السياحة الوطنية، من خلال تطوير خطط رئيسية للسياحة المستدامة، إعداد سياسات سياحية خضراء، وإجراء دراسات للقدرة الاستيعابية للمواقع السياحية والتراثية.
في ظل التوسع المتسارع في مشاريع البنية التحتية والسياحة الفاخرة في الشرق الأوسط، تبرز الحاجة الملحّة إلى تبنّي ممارسات أكثر استدامة ومسؤولية في تطوير القطاع السياحي. ومن هذا المنطلق، حرصنا في منظمة الأمم المتحدة للسياحة، وبالتعاون مع شركائنا في الإقليم، على دعم هذا التوجه من خلال برامج ومبادرات تهدف إلى تعزيز التوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية الموارد الطبيعية والثقافية.
لقد شهدنا خلال السنوات الماضية تصاعدًا ملحوظًا في حجم الاستثمارات السياحية الكبرى، حيث تستضيف المنطقة اليوم بعضًا من أضخم مشاريع السياحة في العالم قيد الإنشاء، مما يعزز مكانتها كمركز عالمي للسياحة. ومع ذلك، فإن هذا النمو يجب أن يُدار بمسؤولية لضمان استدامته على المدى الطويل، والحفاظ على الهوية الثقافية والبيئية لكل وجهة.
ومنذ انضمامي إلى منظمة الأمم المتحدة للسياحة في عام 2018، وتولي مسؤولية منصب المدير الإقليمي للشرق الأوسط، حرصت على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال دعوة واستقطاب كبرى الشركات المطورة لهذه المشاريع للانضمام إلى المنظمة كأعضاء منتسبين. وقد جاء هذا التوجه لضمان التكامل والتنسيق في العمل، ومواكبة التطورات المتسارعة في القطاع، بما يسهم في تعزيز أثر السياحة كقوة دافعة للتنمية المستدامة والابتكار في المنطقة
في ظل مشاريع كبرى مثل نيوم ومشروع البحر الأحمر في السعودية، تدعو المنظمة إلى تعزيز الاستثمار المستدام من خلال التخطيط البيئي المسؤول، اعتماد شهادات الاستدامة البيئية للمرافق السياحية، والالتزام بمعايير البنية التحتية المستدامة مثل استخدام الطاقة المتجددة وتقليل النفايات.
ومن خلال ورش العمل والبرامج التدريبية، تدعم المنظمة التعليم وبناء القدرات من خلال تدريب العاملين في قطاع السياحة على الممارسات المستدامة، تمكين المجتمعات المحلية للاستفادة من السياحة مع الحفاظ على هويتها الثقافية، وتوعية السياح ومقدمي الخدمات بممارسات السياحة المسؤولة
تدعم المنظمة أيضاً استخدام أدوات لقياس التأثير وتعزيز أفضل الممارسات مثل الشبكة الدولية لمراصد السياحة المستدامة (INSTO) لمتابعة الأثر البيئي والاجتماعي للسياحة، ونشر دراسات حالة وأدلة توجيهية لأفضل الممارسات من المنطقة
وبالتعاون مع الشركاء الدوليين والمحليين، تعمل المنظمة على دعم حماية المواقع الأثرية والطبيعية وتعزيز السياحة المجتمعية لتوفير مصادر دخل محلية وتقليل الضغط على المواقع الشهيرة.
ومن الأمثلة على جهود المنظمة:
• السعودية: بالتعاون مع المنظمة، تعمل على دمج ممارسات الاستدامة في رؤية 2030، من خلال إنشاء محميات طبيعية والحفاظ على التراث.
• الأردن: دعمت المنظمة تطوير السياحة البيئية في مناطق مثل البتراء ووادي رم، بما يحقق الفائدة للمجتمعات المحلية ويحافظ على البيئة.
ان منظمة الأمم المتحدة للسياحة تسعى إلى تحقيق توازن بين النمو السياحي في الشرق الأوسط والاستدامة البيئية والثقافية والاجتماعية، من خلال التوجيه الاستراتيجي وبناء القدرات والتعاون الإقليمي.
- هل هناك مبادرات مستقبلية ستُعلن قريبًا على مستوى المنطقة يمكن أن تسهم في تعزيز التعاون السياحي العربي – العربي، أو العربي – الدولي؟
تعمل منظمة الأمم المتحدة للسياحة على مجموعة من المبادرات الإقليمية التي تهدف إلى تعزيز التعاون السياحي البيني وكذلك التعاون السياحي بين دول إقليم الشرق الأوسط والدول العربية الأخرى. تركز هذه الجهود على دعم التكامل الإقليمي، وتشجيع السياحة المستدامة، وتنويع الاقتصاد من خلال السياحة.
وكما تعلمون، تم افتتاح المكتب الإقليمي لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط بالرياض يوم 26 مايو 2021، تزامنا مع انعقاد الاجتماع ال47 للجنة الإقليمية للشرق الأوسط بالمنظمة. ويعد هذا المكتب مركزًا دوليا للتعليم والسياحة الريفية، بجانب استضافة وتنفيذ برامج تعليم وتدريب في السياحة مخصصة لدول إقليم الشرق الأوسط والدول العربية وتنظيم مسابقات للابتكار السياحي تركز على السياحة الذكية والمستدامة. كما عملت المنظمة مع وزارة السياحة على إنشاء أكاديمية لدراسات السياحة في الرياض (تستضيفها حاليا جامعة الأميرة نورة) وذلك لتأهيل الكوادر البشرية.
كما تدعم المنظمة المجلس الوزاري العربي للسياحة بجامعة الدول العربية، من أجل وضع استراتيجية سياحية عربية موحدة تشمل: تسهيل إجراءات التأشيرات والسفر بين الدول العربية، إطلاق حملات ترويج سياحية مشتركة مثل المسارات التراثية العربية، وتشجيع الشراكات الاستثمارية بين القطاعين العام والخاص عبر المنطقة، وأشارك بضفتي المديرة الإقليمية من المنظمة بشكل منتظم في أعمال المجلس الوزاري العربي للسياحة بهدف تعزيز العلاقات أيضا بين الأمانة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للسياحة والأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وقمت أيضان منذ انضمامي بالعمل في المنظمة، ببدء التعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي وعملت على توقيع مذكرة تفاهم، كانت هي الأولى من نوعها بين الأمانة العامة للمنظمة والأمانة العامة لمجلس التعاون، إلا أنني لم أقم بحضور أي من الاجتماعات لوزراء السياحة في المجلس، بسبب انها تتم بطريقة مغلقة، لكنني أدعوهم دائما للمشاركة في أعمال اللجنة الإقليمية للشرق الأوسط في المنظمة بصفة مراقب، ونتشرف دائما بالتعاون مع هذا المجلس الإقليمي، الذي أفخر فيه كمواطنة خليجية، قبل أن أكون مسئول دولي.
يتم أيضا، خلال اجتماعات اللجنة الإقليمية للشرق الأوسط، مناقشة مبادرات لإنشاء منصة رقمية موحدة للسياحة بالإقليم لترويج الوجهات وتقديم باقات سفر متعددة الدول، والتجهيز لإطلاق ممرات سفر إقليمية أو اتفاقيات تأشيرات مشتركة (على غرار نموذج شنغن) بدعم فني من المنظمة.
كما تعمل المنظمة مع دول مثل الأردن ومصر والعراق على تطوير مسارات للسياحة الدينية والثقافية مثل إحياء مسار العائلة المقدسة في مصر، إنشاء طرق تراثية مشتركة مثل طريق الأنباط والحضارات الفينيقية. وتهدف هذه المشاريع إلى جذب السياح من داخل المنطقة وخارجها من خلال تجارب ثقافية عابرة للحدود.
تقوم المنظمة أيضا بتنسيق مشاركة دول إقليم الشرق الأوسط والدول العربية في المعارض السياحية الدولية مثل معرض فتور، وبورصة لندن للسياحة، سوق السفر العربي بدبي، وبورصة برلين، وتدعم اتفاقيات التبادل السياحي بين دول الشرق الأوسط والشركاء دوليين (مثل التعاون السياحي بين مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي).
وقد شهدت مشاريع كبرى مثل البحر الأحمر ونيوم تنظيم منتديات استثمار سياحي إقليمية بالتعاون مع المنظمة، جمعت شركاء من العالم العربي لمناقشة المشاريع المشتركة والاستثمار الأخضر وتنمية القوى العاملة.
كما تسعى منظمة الأمم المتحدة للسياحة إلى جعل إقليم الشرق الأوسط كتلة سياحية أكثر تكاملاً وتعاونًا، عبر إطلاق مبادرات استراتيجية، وبناء القدرات، وتطوير أطر تنظيمية مشتركة. الهدف هو زيادة حركة السياحية البينية، وتقديم هوية سياحية موحدة، وتعزيز الروابط مع الأسواق العالمية. - أخيرًا، ما الرسائل التي تودون توجيهها إلى الحكومات، والمستثمرين، والإعلام، حول الدور الذي يمكن أن يلعبوه مع منظمة السياحة العالمية لدفع عجلة التنمية السياحية في الشرق الأوسط؟
رسالتي إلى الحكومات هي تشجيع التخطيط الذكي، السياسات المستدامة، والاستثمار في الموارد البشرية.
وأدعوهم إلى تبني سياسات سياحية وطنية مستدامة توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على التراث والبيئة، الاستثمار في التعليم والتدريب السياحي لتمكين الكفاءات المحلية، تعزيز التعاون الإقليمي وتسهيل حركة السياح بين دول الاقليم عبر سياسات موحدة وتأشيرات مبسطة، فتح المجال للابتكار والتحول الرقمي في قطاع السياحة. لأنه معًا، يمكننا تحويل السياحة إلى رافعة تنموية حقيقية تعزز الاستقرار، وتحمي الهوية، وتخلق الفرص للأجيال القادمة.”
كما أحث المستثمرين على الاستثمار في قطاع السياحة باعتباره استثمار في المستقبل. وأدعو المستثمرين المحليين والدوليين إلى دعم مشاريع السياحة المستدامة والفنادق الصديقة للبيئة والمبادرات المجتمعية، الاستفادة من الفرص الكبرى في مشاريع ضخمة مثل نيوم والبحر الأحمر، ضمن أطر تضمن العائد المالي والمسؤولية البيئية، والشراكة مع المجتمعات المحلية لتعزيز الأثر الإيجابي وتوسيع القاعدة الاقتصادية. حيث إنه من خلال تعاونهم مع المنظمة، يمكنهم الوصول إلى رؤى استراتيجية، وشبكات دولية، وفرص استثمارية ذات تأثير حقيقي.
أما وسائل الإعلام، فهم صوت السياحة المسموع وكلمتها المقروءة، وجسرها إلى الجمهور.
وأدعوهم إلى نشر قصص النجاح السياحي والمبادرات الملهمة من إقليم الشرق الأوسط، تعزيز الوعي بالسياحة المسؤولة والمستدامة لدى الجمهور، ومساندة جهود الترويج السياحي الإقليمي ونقل صورة واقعية ومتوازنة عن الوجهات العربية.
فبالتعاون معكم، نستطيع بناء صورة ذهنية إيجابية عن المنطقة كمقصد سياحي عالمي غني بالتراث والطبيعة والتنوع الثقافي.
وأخيرا، أود التأكيد على أن السياحة ليست مجرد قطاع اقتصادي، بل هي وسيلة لبناء التفاهم، وتحقيق التنمية، وربط الشعوب. ومن خلال التعاون مع منظمة الأمم المتحدة للسياحة، يمكننا تحقيق نهضة سياحية متوازنة تلبي طموحات الشعوب وتخدم الأهداف التنموية المستدامة لكل دول الشرق الأوسط.