newsالمؤتمرات والمعارضمهرجانات وفعاليات

الصين تقود دفّة الذكاء الاصطناعي العالمي من شانغهاي بمشاركة دولية واسعة.. انطلاق فعاليات المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي 2025 وسط دعوات لحوكمة عادلة وآمنة

في مشهد يعكس تصاعد الزخم العالمي حول الذكاء الاصطناعي وتأثيراته المتسارعة على البشرية، انطلقت يوم السبت 26 يوليو 2025 بمدينة شانغهاي الصينية فعاليات المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي في نسخته الأحدث، والذي يستمر حتى 28 يوليو بمشاركة أكثر من 1000 خبير وممثل دولي، في مقدمتهم رئيس مجلس الدولة الصيني والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

يمثل هذا المؤتمر أحد أهم المنصات العالمية لمناقشة مستقبل الذكاء الاصطناعي، خصوصًا في ظل تصاعد الدعوات إلى تنظيم هذا المجال الواعد، وإيجاد توازن دقيق بين التطوير التكنولوجي وضمان الأمن الرقمي والحقوق الإنسانية.

الذكاء الاصطناعي.. بين القوة والحوكمة
في كلمته الافتتاحية، شدد رئيس مجلس الدولة الصيني على أن الذكاء الاصطناعي “أصبح مكونًا محوريًا في الاقتصاد العالمي، ويتغلغل بشكل متسارع في مختلف القطاعات، من الصناعة إلى الطب والتعليم والنقل”. لكنه نبه في المقابل إلى أن هذا التقدم لا ينبغي أن ينفلت من السيطرة، بل يجب أن يتحول إلى “منتج عام دولي يخدم البشرية ويُطوّر تحت مظلتها، لا بمعزل عنها”.

ودعا إلى تعميق التعاون الدولي في مجالات العلوم الأساسية والتطوير التقني، وتعزيز التبادل المعرفي بين الشركات والجامعات ومراكز الأبحاث، مشيرًا إلى أن الابتكار لا يمكن أن يُختزل داخل حدود جغرافية، بل هو ملك مشترك للإنسانية جمعاء.

وأضاف: “نحتاج إلى تسريع الجهود لبناء إطار عالمي موحّد لحوكمة الذكاء الاصطناعي، قائم على التنمية الآمنة والعادلة والمسؤولة، تضمن مشاركة جميع الدول وتراعي الفجوات التقنية بين الشمال والجنوب”.

قمة تكنولوجية برهانات سياسية واقتصادية
يناقش المؤتمر هذا العام عددًا من الملفات الحيوية، أبرزها:
• التنظيم الدولي لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في ظل غياب اتفاقيات ملزمة.
• أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاعات المدنية والعسكرية.
• تحفيز الابتكار في الدول النامية دون التضحية بالخصوصية الرقمية.
• استكشاف فرص الذكاء الاصطناعي التوليدي وتأثيره على سوق العمل العالمي.
• إدارة المخاطر السيبرانية الناجمة عن الأنظمة المعتمدة على التعلم العميق.

ويشارك في النقاش ممثلو شركات التكنولوجيا الكبرى مثل بايدو، هواوي، تسلا، مايكروسوفت، وجوجل، إلى جانب رؤساء جامعات ومراكز بحوث، وممثلين عن منظمات دولية معنية بالتحول الرقمي.

الصين في صدارة السباق.. وتسعى لتحديد قواعده
على مدار السنوات الماضية، عززت الصين مكانتها كقوة عظمى في الذكاء الاصطناعي، من خلال استثمارات تجاوزت 150 مليار دولار، وعدد براءات اختراع يفوق أي دولة أخرى.

ويعد المؤتمر في شانغهاي تتويجًا لمسار طويل من السياسات الحكومية التي وضعت “الذكاء الاصطناعي كقضية سيادية”، حيث تخطط الصين لأن تكون الدولة الأكثر تأثيرًا في صياغة قواعد التكنولوجيا العالمية بحلول 2030.

كما يسعى هذا الحدث إلى إرسال رسالة مفادها أن بكين لا تسعى فقط للمنافسة التكنولوجية، بل أيضًا للمشاركة في ضبط إيقاع الذكاء الاصطناعي عالميًا، وتقديم “بدائل متعددة” للنموذج الغربي في الإدارة الرقمية.

الذكاء الاصطناعي.. من المعضلة الأخلاقية إلى الفرصة الاقتصادية
لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تطور تقني، بل تحول إلى قضية جيوسياسية وإنسانية كبرى. وبينما يرى فيه البعض خطرًا على سوق العمل، وتهديدًا للخصوصية، يعتبره آخرون بوابة لإنقاذ البشرية من الأوبئة، وحل أزمات الغذاء، وتبسيط الحياة.

من هنا، تأتي أهمية المؤتمرات مثل هذا الحدث العالمي، لإعادة التوازن إلى النقاش العام، ولضمان أن أكبر طفرة تكنولوجية في تاريخ البشرية تُدار بمسؤولية جماعية، وبما يخدم جميع شعوب الأرض.

Total 0 Votes

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى