newsالطيران

الذكاء الاصطناعي يحلّق بأسعار التذاكر نحو المستقبل: شركات الطيران تعيد رسم خريطة التسعير

تقنيات ذكية لتخصيص الأسعار وزيادة الإيرادات مع الحفاظ على الشفافية وثقة المسافرين (رئيسي)

في خطوة تعكس ملامح التحول الرقمي العميق الذي يشهده قطاع الطيران، تتجه شركات الطيران حول العالم إلى تبني أنظمة تسعير متطورة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، بهدف تعزيز إيراداتها وتعويض الخسائر التي تكبدتها خلال جائحة كوفيد-19. هذه الأنظمة الجديدة، التي تعتمد على تحليل كميات هائلة من البيانات، لا تكتفي بتحديد أسعار التذاكر بشكل تقليدي، بل تسعى إلى تقديم عروض مرنة ومتغيرة تتوافق مع سلوكيات المسافرين وأنماط الطلب في السوق.

شركة Fetcherr، التي تعد من الرواد في هذا المجال، طورت برنامجًا مبتكرًا قادرًا على استبدال أنظمة التسعير التقليدية بآليات أكثر ديناميكية، إذ يقوم بتحديد الأسعار وفق متغيرات السوق العامة مثل معدلات الإشغال، الأحداث العالمية، وحركة العرض والطلب، بدلًا من الاكتفاء بآلية التسعير الثابتة. هذا النهج يقلل من المخاوف المتعلقة بعدالة التسعير، حيث يتم تطبيق الأسعار وفق معايير شاملة وليس على أساس فردي لكل راكب.

وتشير الدراسات الحديثة إلى أن الذكاء الاصطناعي يمنح شركات الطيران قدرة أكبر على التكيف مع تقلبات السوق، حيث يمكن تعديل الأسعار تلقائيًا خلال فترات الركود أو انخفاض الطلب، مما يتيح تحسين معدلات إشغال الرحلات وزيادة العائدات بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، يمكن للشركة أن تقدم أسعارًا أقل في فترات السفر الهادئة لجذب مزيد من المسافرين، بينما ترفع الأسعار في المواسم المزدحمة بما يتماشى مع الطلب المرتفع.

غير أن هذه الخطوة، رغم فوائدها الاقتصادية، تطرح تحديات تتعلق بالشفافية والعدالة. فالتحول إلى أنظمة التسعير الذكي يستلزم وجود آليات رقابية تضمن وضوح الأسعار للمستهلكين وتمنع الممارسات التي قد تؤثر سلبًا على ثقة المسافرين. ومن هنا، يرى خبراء القطاع أن الموازنة بين زيادة الربحية وحماية حقوق العملاء ستكون مفتاح النجاح في هذا التحول.

الأمر اللافت أن هذه الموجة التقنية لا تقتصر على قطاع الطيران وحده، بل تمتد لتشمل مجالات أخرى مثل تأجير السيارات وحجوزات الفنادق، ما يعزز من فكرة توفير حزم سفر متكاملة يتم تصميمها خصيصًا لتلبية رغبات كل مسافر على حدة. هذه الرؤية المستقبلية قد تقود إلى عصر جديد من صناعة السفر، حيث تصبح كل رحلة تجربة شخصية مهيأة وفق أدق التفاصيل، بفضل قوة البيانات والذكاء الاصطناعي.

بهذا، يبدو أن السماء لم تعد حدًا للطموحات، بل أصبحت فضاءً رحبًا لتقنيات تعيد صياغة مفهوم السفر نفسه، وتفتح أمام شركات الطيران والمستهلكين على حد سواء آفاقًا غير مسبوقة.

Total 0 Votes

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى