قفزة نوعية في الإنفاق السياحي تجاوزت 283 مليار ريال.. وتحولات جذرية في أنماط السفر تعزز رؤية المملكة 2030…السياحة الترفيهية تدفع السعودية إلى صدارة الوجهات العالمية بعد استقطاب 116 مليون زائر في 2024

في مشهد سياحي غير مسبوق، باتت المملكة العربية السعودية تقفز بخطوات متسارعة نحو صدارة الوجهات السياحية العالمية، بعدما كشف التقرير الإحصائي السنوي الصادر عن وزارة السياحة أن إجمالي عدد السياح في المملكة بلغ 116 مليون زائر خلال عام 2024، بينهم 29,7 مليون سائح دولي و86,2 مليون سائح محلي.
ووفق التقرير، لم تعد الزيارات الدولية إلى السعودية مقصورة على الحج والعمرة فحسب، بل إن السياحة الترفيهية والتجارية شكلت 59% من إجمالي الزيارات الدولية، ما يعكس تحوّل المملكة إلى مركز جذب عالمي متنوع تتداخل فيه التجربة الدينية مع الترفيهية والتجارية والثقافية، في مشهد يعيد رسم هوية السياحة السعودية في سياق عالمي متجدد.
قفزة غير مسبوقة في الإنفاق السياحي
ولم يقتصر الأمر على الأعداد فحسب، بل امتد إلى الإنفاق السياحي الذي بلغ 283,8 مليار ريال في 2024، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ المملكة.
فقد سجل إنفاق السياح الدوليين 168,5 مليار ريال بزيادة واضحة بلغت 19% عن 2023 و 63% مقارنةً بـ2019، في حين بلغ إنفاق السياحة المحلية 115,3 مليار ريال، مسجلاً ارتفاعًا طفيفًا بنسبة 1% عن العام السابق.
أما الزيارات الترفيهية القادمة من الخارج فقد شهدت أعلى معدل نمو مسجل، إذ ارتفع إنفاقها بنسبة 69% عن 2023 وقفزت بنسبة 620% عن 2019، وهو ما يعكس شغف الزوار بخوض تجارب جديدة داخل المملكة بعيدًا عن السياحة الدينية التقليدية.
المملكة تتصدر مجموعة العشرين في نمو السياحة الدولية
التقرير أشار إلى أن السعودية أصبحت في المركز الأول بين دول مجموعة العشرين G20 في معدل نمو أعداد السياح الدوليين، وهو إنجاز يعكس التحول السريع في قطاع السياحة، ويضع المملكة في موقع متقدم على خارطة السياحة العالمية.
وزير السياحة أحمد الخطيب شدد في تصريحاته على أن السياحة باتت “ركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030″، مؤكداً أن هذا النمو “لا يعكس فقط التطور المحلي السريع، بل يبرز المكانة المتنامية للمملكة كوجهة سياحية متنوعة وجاذبة.”
تنوع الزوار وتعدد الثقافات
وعلى صعيد التوزيع الجغرافي، جاءت أغلب الوفود الدولية من آسيا والمحيط الهادئ بنسبة 33% (9,7 مليون سائح)، تلتها دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنسبة 28% (8,4 ملايين سائح)، فيما شكلت دول مجلس التعاون الخليجي 27% (8 ملايين سائح). هذا التنوع الثقافي يعكس حيوية السوق السياحي السعودي وقدرته على استقطاب شرائح مختلفة من المسافرين حول العالم.
وتصدرت مصر قائمة الدول المصدرة للسياح بواقع 3,2 مليون زائر، تلتها باكستان بـ2,8 مليون، ثم البحرين بـ2,6 مليون، ما يؤكد متانة الروابط الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تجمع المملكة بهذه الدول.
نقلة تاريخية نحو المستقبل السياحي
الأرقام التي سجلها عام 2024 لم تكن مجرد إحصائيات جامدة، بل كانت بمثابة شهادة عالمية على نجاح السياسات السعودية في جعل السياحة “نفطًا جديدًا” للاقتصاد الوطني. فالتنوع في الأغراض السياحية والارتفاع القياسي في حجم الإنفاق يشيران إلى تحول عميق في أذواق السفر نحو المملكة، حيث لم يعد الزوار يقصدونها للعبادة فقط، بل للترفيه، والتسوق، وحضور الفعاليات، وعقد الأعمال.
وبهذا الإنجاز، تدخل السعودية مرحلة جديدة من التنافسية العالمية، لتصبح أحد أهم اللاعبين في صناعة السياحة الدولية، ممهّدة الطريق لتحقيق طموحات رؤية 2030 التي تهدف إلى جعل المملكة بين أبرز الوجهات السياحية على مستوى العالم.