نجوم العالم يتألقون على ضفاف البندقية الدورة 82 من مهرجان البندقية السينمائي تنطلق بـ21 فيلمًا في المسابقة الرسمية وسط حضور لافت لجوليا روبرتس وجورج كلوني وأعمال عربية مؤثرة

تستعد مدينة البندقية العريقة لأن تتحول مجددًا إلى عاصمة السينما العالمية، مع انطلاق الدورة الثانية والثمانين من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، التي تُقام في الفترة من 27 أغسطس وحتى 6 سبتمبر 2025. وفي هذه النسخة المرتقبة، يشارك 21 فيلمًا روائيًا طويلاً في المسابقة الرسمية، يتنافسون على جائزة الأسد الذهبي لأفضل فيلم، وسط حضور كوكبة من ألمع النجوم العالميين.
المهرجان، الذي يُعد الأقدم عالميًا في مجاله، يواصل تعزيز مكانته بوصفه منصة انطلاق نحو موسم الجوائز الكبرى، وفي مقدمتها جوائز الأوسكار، كما يُكرّس سمعته كمختبر فني لاكتشاف المواهب والأصوات السينمائية الجريئة.
انطلاقة إيطالية وفيلم عربي يلامس الجرح الفلسطيني
يفتتح المهرجان بفيلم “لا غراتسيا” للمخرج الإيطالي الشهير باولو سورينتينو، في عرضه العالمي الأول، وبطولة النجم توني سيرفيلو. وقد أحيطت تفاصيل الفيلم بكتمان غير معتاد، ما أثار فضول النقاد وعشاق السينما.
لكن واحدة من اللحظات الإنسانية الأكثر تأثيرًا تمثّلت في إعلان مشاركة الفيلم العربي “صوت هند رجب” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، الذي يروي قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب، التي استشهدت خلال محاولة فرارها مع أسرتها من قصف إسرائيلي في قطاع غزة مطلع عام 2024. ووصف المدير الفني للمهرجان، ألبرتو باربيرا، الفيلم بأنه “صرخة فنية مؤلمة وضرورية”، وقد بدا عليه التأثر الشديد أثناء تقديم العمل في المؤتمر الصحفي.
حضور عالمي وجوهرة فرنسية
يستعرض المهرجان هذا العام طيفًا متنوعًا من المدارس السينمائية، بمشاركة أفلام من فرنسا، بريطانيا، المكسيك، أمريكا، كوريا، والدول الإسكندنافية. ومن بين أبرز الأفلام الفرنسية المشاركة:
“ليترانجيه” (الغريب): عمل بالأبيض والأسود مقتبس من رواية ألبير كامو، أخرجه فرنسوا أوزون، ويؤدي بطولته بنجامان فوازان.
“آ بييه دوفر”: دراما إنسانية من توقيع فاليري دونزيلي حول مصور فوتوغرافي يعيد اكتشاف ذاته.
“ذي ويزارد أوف ذي كرملين”: فيلم للمخرج أوليفييه أساياس عن روسيا المعاصرة، يؤدي فيه النجم جود لو دور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أداء وُصف بأنه “مذهل”.
هوليوود تمشي على السجادة الحمراء
تتزين السجادة الحمراء بأسماء من العيار الثقيل، أبرزهم جورج كلوني، إيما ستون، وجود لو. لكن المفاجأة الأكبر تتمثل في الظهور الأول للنجمة جوليا روبرتس في مهرجان البندقية، عبر فيلم “أفتر ذي هانت”، حيث تؤدي دور أستاذة جامعية تواجه أزمة أخلاقية كبرى في قالب تشويقي، أخرجه لوكا غوادانيينو.
كذلك، يعود المخرج الأمريكي غاس فان سانت بفيلم “ديد مانز واير” من بطولة آل باتشينو، بينما يُعرض فيلم الخيال العلمي الفرنسي “شيان 51” للمخرج سيدريك جيمينيز خارج المسابقة.
أما المخرج المكسيكي غييرمو ديل تورو، فيشارك بفيلم “فرانكنشتاين” المقتبس من رواية ماري شيلي، من إنتاج “نتفليكس”، ويضم نخبة من النجوم مثل أوسكار آيزك، كريستوف والتز، وميا غوث.
تحكيم دولي بنكهة متعددة الثقافات
يرأس لجنة التحكيم هذا العام المخرج الأمريكي ألكسندر باين، وتضم في عضويتها أسماء بارزة مثل:
المخرج الفرنسي ستيفان بريزيه
المخرج الإيراني محمد رسولوف
الممثلة الصينية تشاو تاو
الممثلة البرازيلية فرناندا توريس
البندقية بين الفن والسياسة
اللافت هذا العام هو توازن المهرجان بين التجارب الفنية الخالصة والتوجهات ذات البعد السياسي والاجتماعي، من فلسطين إلى روسيا، ومن إيطاليا إلى المكسيك، مما يؤكد مكانة المهرجان كمنصة للسينما الواعية، التي لا تكتفي بالدهشة البصرية، بل تسائل العالم وتنحاز إلى القضايا الإنسانية.
وفي ظل هذه الأسماء الكبيرة والمضامين العميقة، يبدو أن الدورة 82 لمهرجان البندقية لن تكتفي بتكريم الفن، بل ستُسهم أيضًا في صياغة خطاب ثقافي أكثر التزامًا، وأكثر قدرة على مخاطبة الزمن المتغير.