news

وجهة نظر إدارة السياحة .. إدارة الموروث!!وجهة نظر



بقلم: د. عبدالله الحواج

السياحة في كل زمان ومكان .. منتج له أصول، علم وفن وتسويق، من هنا كان لابد أن نبحث عن كيفية تعظيم المردود من السياحة، هل المنتج القدري من “تراث وميراث وآثار” يكفي، أم أن إدارة الموروث لابد وأن تلعب دورًا لتنشيط القطاع؟

السياحة خدمة، ومن ضمن استراتيجية مملكة البحرين ورؤيتها لعام 2030، أن تتحول إلى مملكة الخدمات الممتازة، سياحة وتعليم وصحة وغيرها، ومن أولويات الرؤية تلك النظرة التي يجب أن تتغير عن هذا القطاع، كان لابد مثلاً أن نتعامل مع السياحة على أنها صناعة، وأن نستبدل وسائل التسويق التقليدية بآليات جديدة وبحوث متقدمة، ودراسات سوقية حول أوضاع الدول السياحية في العالم، وكيف أنها صنعت شيء من لا شيء، وكيف أصبح المردود من القطاع السياحي يناطح المردود من قطاعات اقتصادية تقليدية أخرى.

يقولون: السياحة صناعة بلا دخان، ونحن نقول: السياحة صناعة بلا أنياب أو مخالب، مازالت مهيضة الجناح، ومازال الشق الترفيهي منها والترفي موضع اتهام، بل أن الدول الشقيقة المجاورة دخلت إلى عالم السياحة الفسيح من بوابة الترفيه – الترفيه العائلي – ، ووزارة للترفية أو مؤسسة حكومية تُدير السمعة وتعظيم المردود الترفيهي منها.

من هنا تحققت لدى هذه الدول أكثر من فائدة، أهمها أن السياحة لم تكن وحدها هي المستفيدة، بل أن الفن أيضًا، الرياضة كذلك، والثقافة على الخط ذاته، أصبحت صناعة الترفيه مثلث أو مربع متساوي الأضلاع، الأول: ثقافي، الثاني: فني، الثالث: رياضي، الرابع: سياحي، وربما الخامس: تجاري.

بالنتيجة أصبحت هذه الدول ذو اقتصاد متنوع، متعدد المشارب والاتجاهات، لا يحتاج لدراسات عويصة أو بحوث معقدة، أو معامل تجارب مكلفة، كل ما هنالك التفكير خارج الصناديق القديمة، والبحث عن نقطة بداية متوأمة مع ظروف مملكة البحرين ومساحتها وعاداتها وتقاليدها، وإمكاناتها وتراثها وتاريخها الغني عن التعريف.

تصنيع السياحة وإدارة السمعة من أهم ما تقوم به الدول التي سبقتنا في هذا المضمار، تسويق المنتج واتخاذ القرار الإداري البسيط من أهم ما يمكن البحث عنه ونحن في خضم التفكير العميق بضرورة تنويع مصادر الدخل، وبعد جهد جهيد نبدأ من حيث بدأنا، ولا نبدأ من حيث انتهينا.

الحقيقة لا أجد صعوبة أبدًا في إعادة توحيد بوصلة التخطيط نحو القطاع السياحي البحريني، ألا تكون الفنادق مثلاً هي المرفق الوحيد الذي يصنع الترفيه، وألا يكون الترفيه غير حقيقي وغير متجانس مع عاداتنا وتقاليدنا.

دول المنطقة تراعي كل المآخذ والاعتبارات، ورغم ذلك نهضت بالفن والثقافة والرياضة من خلال السياحة، ونهضت بالسياحة من خلال القطاعات الثلاث سالفة الذكر.

في مملكة البحرين يمكن أن ننهض بكل شيء، فقط أن تكون هناك جهة ترعى وتتحمل المسئولية، وجهة تراقب وتحفظ حقوق الجميع، وتضبط آلية الأداء.

كنا قريبين جدًا من تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود من خلال السياحة، وكنا أشد تماسًا من غيرها عندما كانت الحفلات العائلية لكبار الفنانين العرب والمسرحيات الشهيرة لأشهر الفنانين تأتي للبحرين قبل غيرها، وكانت لدينا رؤية استشرافية نحاول أن نكون عند حسن ظن المواطن والمقيم والزائر والوافد بها.

لا أعتقد أن الوقت قد فات، وأنه لا فائدة من الكلام، لكن الوقت يداهمنا، والفرصة لن تنتظر على أبوابنا طويلاً، لدينا الفن الراقي، والتراث الباهر، والحياة الاجتماعية المنفتحة على الآخر، ولدينا الأمل في أن نكون مثل غيرنا بلادًا نفكر في المصلحة العامة للوطن، ومؤسسات تدرك أنه لا مجال للتلاعب بالتصريحات الإنشائية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وأنه قد آن الأوان بأن تكون لدينا إدارة واعية للسمعة، ورقابة محكمة لتثبيتها، وتسويق متقن لمنتجاتها، اللهم بلغت اللهم فاشهد.

Total 0 Votes

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى