القاهرة – مصر
تتيح المهرجانات، لا سيما الدولية منها، الفرصة للفنان التشكيلي للتحرر من قيود السوق التي تتطلب -عادةً- إنتاج أعمال تتوافق مع الذائقة التقليدية للجمهور الذي يسعى في الغالب وراء لوحة تتناول الطبيعة الصامتة لطبق من الفاكهة، أو منظر عام لسفينة في عرض البحر، أو حتى منحوتة برونزية لأحد الخيول وهو في لحظة انطلاق.
في هذا السياق، يمكن النظر للإبداعات المعروضة ضمن فعاليات مهرجان «حي القاهرة الدولي للفنون» التي انطلقت مساء الثلاثاء، وتستمر حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وتضم معارض جماعية متنوعة في الرسم، والنحت، والفوتوغرافيا، والمجسمات، وتغلب عليها سمة الخروج عن المألوف والتحليق في أجواء من الخيال والفانتازيا.
ويشهد المهرجان مشاركة واسعة في الدورة الحالية؛ حيث بلغ عدد المشاركين 100 فنان من مختلف دول العالم، مثل فرنسا وإسبانيا واليونان والولايات المتحدة، بينما تمثلت المشاركة العربية في الإماراتية عزة القبيصي، واليمنية عفراء أحمد، إلى جانب عدد من الفنانين المصريين.
ويستعيد المهرجان سحر منطقة «وسط البلد» بالقاهرة، ويعزف على خصوصيتها التاريخية وطابعها المعماري، شديد التميّز، عبر إقامة المعارض في 4 أماكن بها، باتت بمنزلة «مغناطيس» يجذب المبدعين من شتى الأرجاء، وهي: «أكسس آرت سبيس»، و«سينما راديو»، وممر «راديو»، و«الهنجر».
وقالت نادين عبد الغفار، مديرة مؤسسة «آرت دي إيجيبت» المنظِّمة للمهرجان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الدورة الحالية تتميز بكثير من الخصائص، فقد نضجت التجربة وباتت تحظى بكثير من المصداقية، كما يشارك لأول مرة، وبالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عدد من الفنانين اللاجئين في محاولة لتوصيل رسالة مهمة للغاية، وهي أن تجربة اللجوء رغم قسوتها قد تفرز جيلاً من المبدعين الذين تجاوزوا أزمتهم الإنسانية لينتجوا فناً مدهشاً». وأضافت: «المهرجان يتيح فرصة ذهبية لمتذوقي الفنون، لمتابعة أحدث اتجاهات الفن التشكيلي في العالم».
ويعد المزج بين الحيوانات والبشر؛ ليعطينا كائنات من نوع ثالث تحلق في فضاءات غرائبية؛ ملمحاً أساسياً من ملامح الفانتازيا واللامعقول في إبداعات المعرض، كما تبدو على سبيل المثال لدى الفنان المصري محسن أبو الوفا. بينما يأتي رسم الوجوه، أو «البورتريهات» بطريقة شديدة الغرائبية تجعل العيون طفولية شديدة الاتساع، مع ابتسامة مخيفة، ورأس يحلق في السماء، ملمحاً آخر لدى الفنان المصري علي سعيد.
