newsالسياحة الترفيهيةالسياحة التعليميةالسياحة الرياضيةالسياحية العلاجية

من الرمال والبحار إلى المستقبل الرقمي المستدام الإمارات ترسم ملامح السياحة الذكية

لم تعد الإمارات اليوم مجرد وجهة سياحية تتزين بشواطئها الذهبية أو أبراجها الشاهقة التي تخترق السماء، بل تحولت إلى مختبر عالمي مفتوح يبتكر مفهوماً جديداً للسياحة، يزاوج بين الضيافة والذكاء الاصطناعي، وبين الفخامة والاستدامة. فمن يزور الإمارات في العقد الأخير، يكتشف أن التجربة لم تعد محصورة في حجز غرفة فندقية أو جولة تقليدية، بل باتت رحلة رقمية متكاملة تبدأ منذ لحظة التفكير بالسفر وحتى آخر دقيقة من المغادرة.

الضيافة الذكية واقع لا خيال
في مطارات الإمارات وفنادقها وشوارعها، تحضر التكنولوجيا كظلٍ يرافق المسافر في كل تفاصيله: تسجيل ذكي عند الوصول، تطبيقات متنقلة تغني عن الطوابير، وتحليلات بيانات لحظية تفهم حاجات السائح قبل أن يطلبها. هذه التفاصيل الدقيقة ليست ترفاً، بل هي جزء من رؤية استراتيجية جعلت الإمارات، ولاسيما دبي، في مقدمة المدن الذكية عالمياً.

يقول ستايسي صامويل، المدير التنفيذي للتكنولوجيا في “إشراق للضيافة”:” الفندق الناجح اليوم هو الذي يوحّد بياناته وموظفيه وعملياته تحت رؤية رقمية واحدة.” هذه الرؤية باتت جزءاً من الهوية السياحية للإمارات، حيث تتحول الضيافة إلى منظومة متكاملة توظّف الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية لتقديم خدمة سلسة وآمنة وذات طابع إنساني.

الاستدامة قلب التجربة
لكن الإمارات لم تتوقف عند حدود الرفاهية الرقمية. فالاستثمار في السياحة الذكية اقترن بوعي بيئي جعلها نموذجاً للتوازن بين الراحة وحماية الكوكب. أكثر من 150 فندقاً حصل على وسم السياحة المستدامة، عبر مبادرات عملية تشمل تقليل استهلاك الطاقة وخفض الانبعاثات وتطبيق أنظمة صارمة لقياس البصمة الكربونية. وهكذا باتت الإقامة في فندق إماراتي تعني أيضاً المشاركة في حماية البيئة.

أرقام ترسم المستقبل
النتائج تعكس وضوح الرؤية. وفق تقرير المجلس العالمي للسفر والسياحة، أسهم القطاع السياحي في الإمارات عام 2024 بما يعادل 257.3 مليار درهم، أي نحو 13% من الناتج المحلي الإجمالي. كما ارتفع إنفاق السياح الدوليين إلى 228.5 مليار درهم، فيما بلغ إنفاق السياح المحليين 60 مليار درهم. هذه الأرقام تكشف عن حقيقة بديهية: التحول الرقمي لم يكن خياراً تجميلياً، بل رهاناً اقتصادياً ناجحاً عزز مكانة الإمارات كقلب نابض للسياحة العالمية.

لقاء مع المستقبل
تؤكد منظمة السياحة العالمية أن السياحة لم تعد كما كانت؛ أنماط السفر تغيّرت، والمسافر يبحث عن تجارب أكثر شخصية، أكثر ذكاءً، وأكثر مسؤولية. وهنا تبرز الإمارات كوجهة لا تعرض فقط أماكن للإقامة أو الترفيه، بل تمنح زوارها فرصة عيش المستقبل اليوم.

من يقف على أرض الإمارات، يعيش تجربة لا تُختزل في صور أو أرقام، بل في إحساس عميق بأن هذه البلاد تعيد تعريف معنى الضيافة. هنا، يلتقي الذكاء الاصطناعي بروح الإنسان، وتتحول الاستدامة من شعار إلى ممارسة يومية، ليغادر السائح الإمارات وهو يحمل قناعة راسخة: ما عاشه لم يكن مجرد رحلة.. بل لقاء مع الغد.

Total 0 Votes

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى