newsتراث وآثار

ظفار تحتفي بتاريخها العريق بافتتاح متحف جديد يعيد رسم ملامح الحضارة العُمانية متحف ظفار يفتح أبوابه ليأخذ الزائر في رحلة عبر العصور والبيئات المتنوعة

في لحظة تُجسد فخر الإنسان العُماني بإرثه الحضاري والثقافي العميق، شهدت ولاية صلالة اليوم حدثًا مميزًا تمثّل في افتتاح “متحف ظفار”، وذلك تحت رعاية مروان بن تركي آل سعيد، محافظ ظفار، بحضور لفيف من المسؤولين والمهتمين بالشأن الثقافي والتراثي، ليُشكّل المتحف بذلك إضافة نوعية للوجهات السياحية والثقافية في محافظة ظفار وسلطنة عمان بشكل عام.

هذا المشروع الثقافي الطموح، الذي استغرق سنوات من الإعداد والتوثيق، لا يقتصر على كونه مجرد صرح للعرض المتحفي، بل يمثل نافذة مفتوحة على حضارات ضاربة في عمق التاريخ، ومُلتقى للأجيال لاستلهام القيم والتقاليد المتجذرة في الهوية العُمانية.

رؤية تتجاوز التوثيق.. المتحف كمنصة للمعرفة والانتماء
في كلمته خلال الافتتاح، أوضح حمزة بن محمد الغساني، عضو مجلس إدارة “متحف ظفار”، أن المتحف لم يُصمم فقط لعرض المقتنيات التاريخية والتراثية، بل ليكون منصة تعليمية وثقافية متكاملة تهدف إلى تثقيف الأجيال الناشئة، وخدمة الباحثين، ودعم السياحة التراثية في ظفار. وأكد أن المتحف يمثل ترجمة حقيقية لرؤية شاملة تسعى إلى حفظ الذاكرة الجمعية، والتعريف بالمنظور التاريخي للحضارة الإنسانية، وربط الماضي بالحاضر عبر قنوات معرفية وتقنية حديثة.

بيئات متعددة… ظفار في مشهد بانورامي متكامل
يتميّز متحف ظفار بتصميمه الفريد الذي يُجسّد الطابع المحلي الأصيل للمنطقة. وقد تم توزيع معروضاته على أربع بيئات رئيسية، تمثل كل منها شريحة حيوية من الحياة في ظفار:

البيئة الساحلية: تسلط الضوء على حياة البحر والصيد والملاحة والتجارة البحرية، وتُبرز الدور الريادي لعُمان تاريخيًا في التواصل مع الحضارات عبر المحيطات.

البيئة الريفية: تعرض أنماط الزراعة التقليدية، والمحاصيل الأساسية مثل جوز الهند والموز واللبان، إضافة إلى الحياة اليومية لسكان الأرياف.

البيئة البدوية: توثق حياة البدو في الصحراء، ومهاراتهم في التنقل والتعايش مع الطبيعة القاسية، وفنونهم الشعبية.

البيئة الحضرية: تبرز تطور النمط المعماري والأسواق والصناعات اليدوية، ومظاهر الحياة الاجتماعية والثقافية في المراكز الحضرية لظفار.

حضارات قديمة… وعراقة ممتدة
يتضمن المتحف أقسامًا خاصة تستعرض حضارات سمهرم، والبليد، وأوبار، والتي كانت مراكز تجارية وثقافية نشطة في العصور القديمة، خصوصًا فيما يتعلق بتجارة اللبان. كما يضم المتحف قاعات مخصصة لعرض المخطوطات، والوثائق التاريخية، والعملات القديمة، إضافة إلى الأسلحة التقليدية، والأزياء الظفارية، والرقصات الشعبية، مما يمنح الزائر فهمًا أعمق لثراء النسيج الثقافي للمجتمع العُماني.

تجربة تفاعلية بأربع لغات
من أبرز ما يميز المتحف أنه يقدم تجربة زائر حديثة وتفاعلية. فقد تم تجهيز الأروقة والتعريفات باستخدام أحدث تقنيات العرض الرقمي، مع توفير الشروحات والمعلومات بـ أربع لغات هي: العربية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، لتكون المعروضات متاحة لجميع الزوار من مختلف الجنسيات.

دعم الحرف التقليدية… وتمكين الحرفيين المحليين
يخصص المتحف مساحات مخصصة للحرفيين العمانيين لعرض منتجاتهم التقليدية أمام الزوار، في إطار تشجيعهم وتوفير نافذة تسويقية لهم، فضلاً عن تعزيز التكامل بين المؤسسات التراثية والمجتمع المحلي، مما يخلق منظومة حيوية تجمع بين العرض الثقافي والدعم الاقتصادي.

مقصد للسياحة التراثية والتعليمية
يمثل “متحف ظفار” إضافة نوعية في خارطة السياحة العُمانية، لا سيما في محافظة ظفار التي تحتضن موسم “الخيـريف” الشهير. كما أنه يفتح آفاقًا جديدة لتطوير السياحة التعليمية والثقافية، من خلال توفير برامج مخصصة لطلاب المدارس والجامعات، بالإضافة إلى كونه موردًا بحثيًا للمهتمين في علوم التراث والأنثروبولوجيا والتاريخ البحري.

Total 0 Votes

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى