newsالطيران

صفقة أوروبية ضخمة تعزز موقع المغرب في سلاسل الإمداد العالمية لصناعة الطيران وتُرسخ مكانته كمركز تكنولوجي صناعي عالي الكفاءة

تحالف فرنسي-إسباني يعيد تشكيل صناعة الطيران في المغرب: “أسيتوري” تدير فرع “كيب ميتال” بالدار البيضاء

في خطوة استراتيجية من شأنها إعادة رسم ملامح صناعة الطيران والدفاع في أوروبا وتعزيز الحضور الصناعي للمغرب على خارطة الصناعات المتقدمة، أعلن الصندوق الاستثماري الفرنسي “تيكهاو كابيتال” (Tikehau Capital) عن استحواذه على حصة الأغلبية في شركة “كيب ميتال سولوشنز” (KEP Metal Solutions)، المتخصصة في تصميم وتصنيع المكونات المعدنية عالية الدقة الموجهة لصناعة الطيران والدفاع.

وقد جاءت هذه الصفقة في إطار شراكة صناعية استراتيجية مع مجموعة “أسيتوري” الإسبانية (Aciturri)، التي دخلت على خط العملية بصفتها شريكاً صناعياً وحاملاً لحصة أقلية في “كيب ميتال سولوشنز”، لتكتمل بذلك أركان تحالف أوروبي واعد يجمع بين الكفاءة المالية والخبرة الصناعية، مع أفق توسّع مدروس يستهدف تطوير القدرات الصناعية بالمغرب.

ومن أبرز تداعيات الصفقة على المستوى الإقليمي، ما تم الإعلان عنه بشأن فرع الشركة في المغرب “كيب ميتال تيك المغرب” (KMTM)، الواقع بمنطقة “ميدبارك” الصناعية في الدار البيضاء، حيث ستتولى “أسيتوري إيروأنجينز” – التابعة لمجموعة أسيتوري والتي تمتلك مصنعًا متخصصًا في تصنيع أجزاء محركات الطائرات في المغرب منذ عام 2023 – مسؤولية إدارة وتشغيل الفرع المغربي للمجموعة. وهو ما يُعد تطورًا مهمًا يرسّخ موقع المغرب كشريك رئيسي في سلسلة التوريد العالمية لقطاع الطيران.

وبهذا الاستحواذ، تستعد “أسيتوري” لتعزيز حضورها بشكل أوسع في المغرب، من خلال دمج خبراتها المتقدمة في مجال التكنولوجيا الصناعية الدقيقة، وتمكين الفرع المغربي من اعتماد أعلى المعايير الأوروبية في الإنتاج والتوريد، مما سيساهم في تعزيز تنافسية المنظومة الصناعية المغربية وتحفيز المزيد من الاستثمارات النوعية في قطاع الطيران.

وقد أشادت الأوساط الصناعية بالصفقة التي وصفتها بأنها “نقلة نوعية” تعكس ثقة كبار الفاعلين الدوليين في البيئة الاستثمارية المغربية، وفي قدرتها على احتضان المشاريع الصناعية المتقدمة. كما يُتوقع أن تدعم هذه الخطوة توجه المغرب نحو توطين الصناعات عالية التقنية، خصوصاً في ظل الرؤية الاستراتيجية الوطنية لتطوير قطاع الطيران، الذي يُعتبر اليوم أحد أعمدة التحول الصناعي الحديث في المملكة.

وتكمن أهمية هذه الصفقة في كونها ليست مجرد عملية استثمارية، بل منصة تكامل صناعي بين خبرات أوروبية وبيئة مغربية مؤهلة، ما يخلق فرصًا أكبر لنقل التكنولوجيا، وتطوير الكفاءات المحلية، وفتح آفاق جديدة أمام المصنعين المغاربة للاندماج في سلاسل الإنتاج العالمية الخاصة بصناعات الطيران والدفاع.

ويُتوقع أن تُسهم هذه الدينامية الجديدة في جعل الدار البيضاء، التي تُعد حالياً قطباً صناعياً حيوياً، نقطة ارتكاز استراتيجية لمجموعة “أسيتوري” في القارة الإفريقية، وأن تتحول إلى مركز تصدير رئيسي للمكوّنات الدقيقة نحو أوروبا وأسواق دولية أخرى، خصوصاً في ظل الطلب العالمي المتزايد على حلول صناعية موثوقة وذات تكلفة تنافسية.

لا شك أن هذه الصفقة الأوروبية تُعزز الموقع الريادي للمغرب في مجال صناعة الطيران، حيث بات يُنظر إلى المملكة كمنصة صناعية متكاملة تجمع بين الموقع الجغرافي الاستراتيجي، والبنية التحتية المتطورة، وجودة اليد العاملة، والتسهيلات التشريعية. وهي عوامل جعلت العديد من المجموعات العالمية تتجه نحو المغرب لإقامة مصانعها ومراكزها اللوجستية والتقنية.

وبهذا الإنجاز، يفتح المغرب فصلاً جديدًا من التموقع الصناعي الذكي، عبر شراكات دولية تضعه في مصاف الدول الصاعدة في مجال الصناعات الدقيقة، وتمنحه فرصة غير مسبوقة لتطوير قدراته التكنولوجية، والانخراط الفعّال في المنظومات الصناعية المستقبلية.

Total 0 Votes

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى