
في موقف يعكس تحديات واقعية تواجه قطاع الطيران في مساعيه للتحوّل البيئي، دعا ويلي والش، المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي “إياتا”، الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة أهدافه الطموحة المتعلقة بخفض انبعاثات الكربون في قطاع الطيران، مشككاً في إمكانية تحقيقها ضمن الأطر الزمنية المقررة، في ظل النقص الحاد في توفر وقود الطيران المستدام.
وفي تصريحات صريحة خلال اجتماع ناقش مستقبل الاستدامة في صناعة الطيران، عبّر والش عن تحفظاته قائلاً: “انتقدتُ أهداف الاتحاد الأوروبي لأنني لا أظن أنه سيتمّ بلوغها، ويصعب عليّ أن أتصور كيف سيكون لنا كمّيات كافية من وقود الطيران المستدام لبلوغ الهدف على المدى القصير”. وأشار إلى أن الخطة الأوروبية التي تنص على زيادة تدريجية في نسبة استخدام الوقود المستدام ضمن مزيج الوقود المعتمد لشركات الطيران، تفتقر إلى الواقعية، نظراً لتأخر إنتاج هذا النوع من الوقود على المستوى الصناعي.
وتطالب القواعد الأوروبية شركات النقل الجوي باستخدام 2% من وقود الطيران المستدام اعتباراً من عام 2025، على أن ترتفع النسبة إلى 6% بحلول عام 2030، لتصل إلى 70% في عام 2050. غير أن دراسة حديثة أعدّتها منظمة “إيرلاينز فور يوروب”، التي تضم 17 شركة طيران كبرى، خلصت إلى أن الإنتاج الحالي للوقود المستدام أقل بنسبة 30% من المستويات المطلوبة لتحقيق هدف عام 2030، ما يعزز المخاوف حول إمكانية الوفاء بهذه التعهدات.
وأضاف والش أن “إياتا” تحفّظت منذ البداية على تحديد أهداف قصيرة المدى دون الأخذ بعين الاعتبار الواقع الإنتاجي لسوق الوقود الأخضر. وشدد على أنه كان ينبغي على الاتحاد الأوروبي تقييم قدرات الإنتاج الحالية والمتوقعة قبل وضع أهداف إلزامية، مشيراً إلى أن هذا النهج يعرض شركات الطيران الأوروبية لضغوط غير متكافئة، ويهدد بنشوء فجوة بين الطموح السياسي والإمكانات الفعلية.
كما أشار إلى ظاهرة شراء بعض شركات الطيران الأوروبية للوقود المستدام من خارج الاتحاد الأوروبي من أجل الامتثال للأنظمة الجديدة، وهو أمر – على حد تعبيره – “ليس ذا فائدة كبيرة” بسبب بصمة الكربون الإضافية التي تنتج عن عمليات النقل، والتي قد تُفرغ الهدف البيئي من مضمونه.
ورغم هذه الانتقادات، أكد والش التزام “إياتا” الكامل بالهدف النهائي المتمثل في بلوغ الحياد الكربوني بحلول عام 2050، لكنه شدد على ضرورة اعتماد مسار أكثر واقعية ومرونة، يراعي التحديات الفنية والتجارية لإنتاج وتوزيع الوقود المستدام.